الفصل السادس
إسهاماته العلمية
أولى أئمة أهل البيت عليهمالسلام العلم والعلماء أهمية خاصة ، واهتموا ضمن هذا الاطار ببناء الإنسان فكراً وعقيدة وسلوكاً ، لذلك ركز الأئمة عليهمالسلام جهودهم في مجال التعلّم والتعليم والتوعية ، بينما جعل الحاكم جهوده ضمن إطار دنيوي ضيق لا يتعدى الحفاظ على عرشه وبذخه مما يستدرّه من قوت الملايين الجائعة ، يتضح ذلك من وصية الإمام الكاظم عليهالسلام لهشام بن الحكم : « يا هشام ، كما تركوا لكم الحكمة ، فاتركوا لهم الدنيا » (١).
وضمن هذا التوجّه سجل الإمام الكاظم عليهالسلام رصيداً معرفياً واسعاً في أوساط الأُمّة ، حيث تواصل مع نشاط رواد مدرسة أبيه الصادق عليهالسلام في حدود هامش الحرية المتاح له من وفاة المنصور سنة ( ١٥٨ ه ) ـ إلى إلقاء القبض عليه من قبل الرشيد سنة ( ١٧٩ ه ) ، وكان له دور كبير في إغناء تلك المدرسة إطاراً ومحتوى ومادة ، وترك كثيراً من الآثار في هذا الاتجاه منها المسائل الشرعية والبحوث الكلامية ، والمواعظ والوصايا البليغة والحكم الرائعة والأقوال الجامعة التي توجه بها إلى تهذيب النفس والسلوك ، وإرشاداته التي تنضوي تحت علم الطب ، فضلاً عن سعة الرواية عنه في كافة أبواب شرائع الإسلام ، وأسهم في إعداد جيل من الرواة والمحدثين والمؤلفين الثقات الذين أوصلوا نتاج تلك المدرسة إلى قاعدة عريضة تؤمن بمرجعية الإمام عليهالسلام ، وأسهم في تشخيص
__________________
(١) الكافي ١ : ١٠ ـ ١٥ / ١٢ ، تحف العقول : ٣٨٣ ـ ٤٠٢.