وتلك عقدة لم تفارق غالبية الحكام العباسيين ومن قبلهم الأمويين ، فجميعهم يساورهم الشك بعمل الأئمة من أهل البيت عليهمالسلام ويعتقدون أنهم يمتلكون من القوة والهيبة ما يستطيعون إزاحتهم عن عروشهم ، هذا مع قناعة بني العباس بابتعاد الإمام الكاظم عليهالسلام عن واقع الحياة السياسية.
يروى أن هارون اللارشيد لعنه الله لما صار إلى المدينة وصل كل هاشمي أو قرشي أو مهاجري أو أنصاري ممن دخل عليه بخمسة آلاف درهم وما دونها إلى مائتي دينار ، على قدر شرفه وهجرة آبائه ، وحين دخل الإمام الكاظم عليهالسلام رحّب به ، وعند منصرفه من الحج أمر بصرّة سوداء فيها مائتا دينار أرسلها إليه ، فسأله المأمون وكان جريئاً عليه : يا أمير المؤمنين ، تعطي أبناء المهاجرين والأنصار وسائر قريش وبني هاشم ومن لا يعرف حسبه ونسبه خمسة آلاف دينار إلى ما دونها ، وتعطي موسى بن جعفر وقد أعظمته وأجللته مائتي دينار ؟! أخسّ عطية أعطيتها أحداً من الناس. فقال : اسكت لا أمّ لك ، فاني لو أعطيت هذا ما ضمنته له ، ما كنت آمنه أن يضرب وجهي غداً بمائة ألف سيف من شيعته ومواليه ، وفقر هذا وأهل بيته أسلم لي ولكم من بسط أيديهم وأعينهم (١).
وهذه الذريعة عينها التي جعلت سلطة السقيفة تمنع الزهراء عليهاالسلام نحلتها ، وبقي الحكام بعدهم يحركون عجلة الحرب الاقتصادية ، ويضيّقون على آل البيت عليهمالسلام ويقللون من أعطياتهم لسلب القدرة الاقتصادية التي قد تمكّنهم من استعادة سلطانهم المسلوب والتفاف الأنصار حولهم.
__________________
(١) عيون أخبار الرضا ١ : ٨٨ / ١١.