ونهى الإمام الكاظم عليهالسلام أصحابه عن مجالسة كل من يصف الله تعالى بالصفات البشرية ، أو يحده بالمكان والزمان والحركة والانتقال ، ولو كان من أولي القربى ، وحثّهم على مقاطعتهم وحذّرهم غضب الله وانتقامه إن لم ينتهوا عن ذلك.
عن سليمان بن جعفر الجعفري ، قال : «سمعت أبا الحسن عليهالسلام يقول لأبي : ما لي رأيتك عند عبد الرحمن بن يعقوب ؟ قال : إنه خالي. فقال له أبو الحسن عليهالسلام : إنه يقول في الله قولاً عظيماً ، يصف الله تعالى ويحده ، والله لا يُوصف ، فإما جلست معه وتركتنا ، وإما جلست معنا وتركته. فقال : إن هو يقول ما شاء ، أي شيء علي منه إذا لم أقل ما يقول ؟ فقال له أبو الحسن : أما تخافن أن تنزل به نقمة فتصيبكم جميعاً ؟ أما علمت بالذي كان من أصحاب موسى عليهالسلام ، وكان أبوه من أصحاب فرعون ، فلما لحقت خيل فرعون موسى عليهالسلام تخلف عنه ليعظه ، وأدركه موسى ، وأبوه يراغمه حتى بلغا طرف البحر فغرقا جميعاً ، فأتى موسى عليهالسلام الخبر ، فسأل جبرئيل عليهالسلام عن حاله ، فقال له : غرق رحمه الله ، ولم يكن على رأي أبيه ، لكن النقمة إذا نزلت لم يكن لها عمن قارب المذنب دفاع » (١).
خلاصة ما أثبته الإمام الكاظم عليهالسلام بخصوص الإرادة في مقابل مقالات القدرية الباطلة أن الإرادة هي الفعل لا غير ، وأن إرادته تعالى هي أن يقول للشيء كن فيكون ، بلا لفظ ولا نطق بلسان ولا همّة ولا تفكّر ، لأنها من صفات المخلوق المنفية ، وإن الله سبحانه إذا شاء شيئاً أراده ، فإذا أراده قدره ، وإذا قدره قضاه ، وإذا قضاه أمضاه ، ولا يكون إلاّ ما شاء الله وأراد وقدر وقضى.
عن صفوان بن يحيى ، قال : « قلت لأبي الحسن عليهالسلام : أخبرني عن الإرادة
__________________
(١) أمالي المفيد : ١١٢ / ٣.