الحسن ، فلم يمتثل لأمره وأطلقه ، فسجنه المهدي في بئر في المطبق وبنيت عليه قبّة ، ونبت شعره حتى صار مثل شعور الأنعام وعمي ، ومكث نحواً من خمس عشرة سنة في ذلك البئر لا يرى ضوءاً ولا يسمع صوتاً حتى مات سنة ( ١٨٢ ه ) في أيام الرشيد (١).
وممن تعرّض لسخط المهدي من أصحاب الإمام الكاظم عليهالسلام الثقات ، عمر ابن أذينة الكوفي ، فقد هرب من الكوفة إلى اليمن خوفاً من بطش المهدي العباسي ، ولم يزل يسكن اليمن حتى توفي بها نحو سنة ( ١٦٩ ه ) (٢).
لم تشهد الفترة الاُولى من حكم المهدي أي موقف مشهود تجاه الإمام الكاظم عليهالسلام ، لأن الإمام عليهالسلام كان قد تمسك بالسرية التامة وابتعد عن الأضواء ، وورد ما يدلّ على أن المهدي كان لا يتحرّج من استفتائه إذا اقتضت الضرورة ذلك ، وكان الإمام عليهالسلام يجيبه حيثما يتعلق الأمر بخدمة الدين الحنيف ، فحين أراد المهدي توسعة المسجد الحرام بقيت دار في تربيع المسجد ، فطلبها من صاحبها فامتنع ، فسأل عن ذلك الفقهاء ، فقالوا : « لا ينبغي أن يدخل شيئاً في المسجد الحرام غصباً ، فطلب علي بن يقطين من المهدي أن يكتب إلى موسى بن جعفر عليهماالسلام ليخبره بوجه الأمر في ذلك ، فكتب إلى والي المدينة ليسأل أبا الحسن عليهالسلام فقال : اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ، إن كانت الكعبة هي النازلة بالناس فالناس أولى بفنائها ، وإن كان الناس هم النازلون بفناء الكعبة فالكعبة أولى بفنائها ، فلما أتى الكتاب إلى المهدي ، أمر بهدم الدار ،
__________________
(١) البداية والنهاية ١٠ : ١٣٧ و ١٥٧ و ١٩٥.
(٢) خلاصة العلاّمة : ٢١١ / ٢ ، رجال ابن داود : ١٤٤ / ١١١١.