وحرص قارون اللا رشيد لعنه الله على اختيار شعراء البلاط بما ينسجم مع توجهاته ، فقرب النواصب من الشعراء وعلى رأسهم مروان بن أبي حفصة ( ١٠٥ ـ ١٨٢ ه ) الذي مدحه وأباه وجمع من الجوائز والهبات ثروة واسعة ، وكان رسم بني العباس أن يعطوه بكل بيت يمدحهم به ألف درهم ، وكان يتقرب إلى هارون بهجاء العلويين (١).
كان هارون يأمر بحمل الشيعة إليه بذرائع مختلفة ، فيتعرضون للحبس والضرب وشتى وسائل التعذيب ، ومن هؤلاء محمد بن أبي عمير الأزدي البغدادي ، وهو من أوثق الناس عند الخاصة والعامة وأنسكهم وأورعهم وأعبدهم ، وحكي عن الجاحظ قوله فيه : كان أوحد أهل زمانه في الأشياء كلها. حبس أيام الرشيد على التشيع نحو (١٧) سنة ، وطلب منه أن يدل على الشيعة وأصحاب موسى بن جعفر عليهماالسلام في العراق ، وضرب على ذلك (١٢٠) خشبة حتى كاد يقر لعظيم الألم ، فسمع محمد بن يونس يقول له : اتق الله يا محمد ، فصبر ففرج الله عنه ، وذلك بعد أن أدّى من ماله واحداً وعشرين ألف درهم ، ومما يدل على مدى الظلم الذي لحق بشيعة الإمام أن اخت ابن أبي عمير دفنت كتبه حينما كان في السجن خوفاً من السلطة حتى تلفت الكتب (٢).
وقتل هارون عبد الحميد بن عواض الطائي الكسائي الكوفي بعد استدعائه مع مرازم وجرير ابني حكيم ، وهو من أصحاب الإمام الباقر والصادق
__________________
(١) الأعلام / الزركلي ٧ : ٢٠٨ ، الأغاني ٩ : ٣٤ ، تاريخ بغداد ١٣ : ١٤٢ ، النجوم الزاهرة ٢ : ١٠٦ ، الوافي بالوفيات ٢٤ : ١٥٨ ، معجم المؤلّفين ١٢ : ٢٢١.
(٢) رجال النجاشي : ٢٢٨ ، خلاصة العلاّمة : ٢٣٩ / ١٨ ، الفهرست : ١٤٢ ، شرح مشيخة الفقيه ٣ : ٥٦ ، الذريعة ٢٥ : ٣٠٦.