ومضى الإمام عليهالسلام يقول : يُستتاب قائل هذا القول ، فإن تاب من كذبه على الله وإلاّ ضربت عنقه » (١).
إنّ الله تعالى عالم بمصير الأشياء كلّها غابرها وحاضرها ومستقبلها ، وعلمه هذا أزلي قديم لا يتصور فيه الظهور بعد الخفاء ، ولا العلم بعد الجهل. عن أيوب بن نوح : « أنه كتب إلى أبي الحسن عليهالسلام يسأله عن الله عزّ وجلّ ، أكان يعلم الأشياء قبل أن خلق الأشياء وكوّنها ، أو لم يعلم ذلك حتى خلقها وأراد خلقها وتكوينها ، فعلم ما خلق عندما خلق ، وما كوّن عندما كوّن ؟ فوقع بخطه : لم يزل الله عالماً بالأشياء قبل أن يخلق الأشياء ، كعلمه بالأشياء بعدما خلق الأشياء » (٢).
وعن الكاهلي ، قال : « كتبت إلى أبي الحسن عليهالسلام في دعاء : الحمد لله منتهى علمه. فكتب إليّ : لا تقولن منتهى علمه ، ولكن قل منتهى رضاه » (٣).
إن الدعاء الذي يجري على اللسان قد يكون عرضةً للوهم والخطأ الذي لا يشعر به الإنسان حال اشتغاله بالدعاء والتوجه إلى الله سبحانه ، فلا يستحضر معانيه ودلالاته ، وهنا يمارس الإمام عليهالسلام عملية تصحيح للدعاء ، وكأنه يريد أن يشير إلى حقيقة جديرة بالاهتمام ، وهي ضرورة اخضاع التراث للدراسة العلمية حتى لا ينفذ إلى تراثنا مفهوم غير إسلامي ، فلعلنا ندعو فنقول : الحمد لله منتهى علمه ، من حيث لا نشعر أن ذلك يجعل علم الله محدوداً بين البداية والنهاية ، والحال أن علم الله ليس له نهاية ولا تحدّه حدود ، من هنا علينا أن
__________________
(١) الاحتجاج : ٣٨٧ ، بحار الأنوار ٥ : ٢٤ / ٣١.
(٢) الكافي ١ : ١٠٧ / ٣.
(٣) الكافي ١ : ١٠٧ / ٤ ، التوحيد : ١٣٤.