تادلة قرب فاس ففتح معاقلها ، ثم غزا تلمسان فبايع له صاحبها ، فبلغ الرشيد ذلك فغمه حتى امتنع من النوم ، فندب يحيى بن خالد ، ودعا يحيى أحد متكلمي الزيدية البترية وهو سليمان بن جرير الجزري ، فرغّبه ووعده عن الخليفة بكل ما أحبّ على أن يحتال لإدريس حتى يقتله ، فورد سليمان على إدريس متوسماً بالدفاع عن الزيدية فسرّ به إدريس لقوة عارضته ، ثم جعل سليمان يطلب غرته حتى سقاه السم وهرب ، وذلك في سنة ( ١٧٧ ه ) ، فتولى راشد إدارة الملك باسم إدريس بن ادريس الذي نحله اسم أبيه وجدد له بيعة البربر ، وقام بأمره وأمر دولته وعلّمه ورباه ، وكان الأغالبة في القيروان يتتبعون أخبار الدولة الناشئة في جوارهم ، ويبعثون بالأموال للقضاء على إدريس الرضيع ، وكانت لهم يد في قتل أبيه بالسمّ ، فما زالوا على ذلك إلى أن تمكن إبراهيم بن الأغلب من دسّ بعض البربر لراشد فقتلوه غيلة بعد نشوء إدريس وتسلمه عرش أبيه بقليل ، وكان ادريس الابن فارساً شجاعاً جواداً شاعراً ، وبقي نسله في المغرب (١).
خرج رجل من موالي ثقيف بخراسان وبخارى ، يقال له يوسف البرم في أيام المهدي سنة ( ١٦٠ ه ) منكراً عليه أحواله وسيرته وما يتعاطاه من الخمر ومجالس الغناء ، داعياً إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فالتف عليه خلق كثير ، وتفاقم أمره وعظم خطبه وحارب السلطان ، فوجّه إليه يزيد بن مزيد فلقيه واقتتلا قتالاً شديداً حتى أُسر يوسف وجماعة من أصحابه ، فبعثهم يزيد إلى المهدي ، فأدخلوا عليه ، فأمر بقطع يدي يوسف ورجليه ، ثم ضرب عنقه
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٣٢٤ ـ ٣٢٦ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٠٤ ، تاريخ أبي الفداء ٢ : ١٢ ، عمدة الطالب : ١٥٧ ، الأعلام / الزركلي ١ : ٢٧٩.