عليه الكتمان ، فإن أذاع فهو الذبح ، وأشار بيده إلى حلقه » (١).
وكان الإمام الكاظم عليهالسلام على منتهى الحذر من عيون السلطة الذين يتحرّون من يجتمع إليه الناس بعد موت الإمام الصادق عليهالسلام ، فهو لا يلتقي بأصحابه إلاّ سرّاً ، فحين سأله خلف بن حماد الكوفي عن مسألة أعيته وأصحابه قال عليهالسلام : « إذا هدأت الرجْل وانقطعت الطريق فأقبل » (٢).
وهكذا اقتصر الإمام الكاظم عليهالسلام على مزاولة أعماله الخاصة واعتزل الناس إلاّ خواص أصحابه الذين يلتقي بهم في ظروف هو يحدّدها ، كما أن بعض شيعة أبيه كانوا قد قالوا بإمامة أخيه عبد الله الأفطح ، وبعضهم قال بإمامة أخيه إسماعيل المتوفّى في حياة أبيه عليهالسلام ، كل ذلك جعل المنصور في حيرة من معرفة الإمام بادئ الأمر ، فكفّ عنه سطوته واستطالته. فلم يشخصه إلى بغداد ويتهدّده بالقتل كما كان يفعل مع أبيه عليهالسلام ، ولم يودَع السجن كما في أيام المهدي والرشيد حيث ذاع صيته وتوسعت قاعدته والتفّ حوله شيعته ورجع إليه من قال بإمامة غيره.
هو محمد بن عبد الله المنصور العباسي ، وهو أول من مشي بين يديه بالسيوف المصلتة والقسي والنشاب والعمد ، وأول من لعب بالصوالجة في الإسلام.
وروي ما يدل على تقصيره وعدم استحقاقه للخلافة ، قال عمرو بن عبيد إمام المعتزلة للمنصور وهو يشير إلى ابنه المهدي : ومن هذا ؟ فقال : هذا ابني محمد ، ولي العهد من بعدي. فقال عمرو : إنك سميته اسماً لم يستحقّه لعمله ،
__________________
(١) الارشاد / الشيخ المفيد ٢ : ٢٢٢ و ٢٣٥.
(٢) الكافي ٣ : ٩٢ / ١ ، المحاسن / البرقي : ٣٠٨ / ٢٢.