الفصل الثّاني
السلطة والإمام عليهالسلام
تعامل العباسيون مع أهل البيت عليهمالسلام وفق معايير ثابتة تقوم على أساس التصدّي لمدرسة أهل البيت ومطاردة شيعتهم وقمع الطالبيين والنكاية بهم ، وذلك بسبب هاجس الخوف من نشاط الإمام والغيرة من دوره الفاعل والمحرك في الحياة الإسلامية ، سيما وأن رجال السلطة كانوا على مستوىً هابط من حيث الالتزام الديني ، بينما يتمتع الأئمة عليهمالسلام بشخصية علمية وروحية وسيرة صالحة تجتذب مختلف أوساط الاُمّة ، وفي هذا الاتجاه يقول الإمام الكاظم عليهالسلام لهارون الرشيد : « أنا إمام القلوب ، وأنت إمام الجسوم » (١).
من هنا عمل الحاكمون على استدعاء الإمام الكاظم عليهالسلام من مدينة جده المصطفى صلىاللهعليهوآله إلى بغداد مرةً في زمان المهدي العباسي ، واُخرى في زمان هارون ، لتحديد حركته وعزله عن أتباعه ومواليه والحيلولة دون أداء دوره القيادي تجاه شيعته ، والتآمر على حياته في نهاية المطاف ، وقد واجه الإمام عليهالسلام كل ممارسات الاضطهاد والقمع التي مارسها حكام الجور ضده بعزم ثابت وتصميم راسخ وصبر منقطع النظير حتى أنه عليهالسلام سمّي الكاظم لما كظمه من الغيظ عما فعله الظالمون به ، ومن جانب آخر استطاع أن يؤدي ما يتوجب عليه ضمن هامش
__________________
(١) ينابيع المودة / القندوزي ٣ : ١٢٠.