نقول : منتهى رضاه ، لأن رضاه يتصل بعمل المخلوقين في درجات تتحرك حتى تبلغ منتهاها ، ولا يتعلق ذلك في ذاته وفي صفته.
اختلفت مقولات أهل الكلام اختلافاً شديداً في تفسير الآيات والآثار التي تسند الشقاء والسعادة إلى الله تعالى ، فأخذ بعضهم بظاهرها ، وحكموا بحتميّة الشقاء والسعادة في حياة الإنسان من جانب الله تعالى ، ونفوا دور الإنسان في اختيار الهداية والضلالة.
وفصّل أهل البيت عليهمالسلام في هذا المطلب ، بأنّ علم الله المعبّر عنه بأُمِّ الكتاب ، لا يتطرق إليه التغيير والتبديل ، وعلمه تعالى في أُمِّ الكتاب محيط بكل شيء ، ومنها سعادة الإنسان وشقائه ، وعلمه تعالى بالشيء لا يعني نسبة فعله إليه. أما علمه تعالى المعبّر عنه بلوح المحو والاثبات ، فإن لله تعالى فيه المشيئة يقدّم ما يشاء ويؤخر ما يشاء ، وهو موقوف على أعمال العباد ، فأعمال البر تحوّل شقاء الإنسان إلى سعادة ، واقتراف الذنوب وارتكاب السيئات تحوّل مصير الإنسان من السعادة إلى الشقاء. وعليه فإنّ الله تعالى هو مصدر السعادة والهداية في حياة الإنسان ، وأمّا الشقاء والضلالة فمن الإنسان نفسه ، وكلا الأمران يجريان باختياره وقراره.
ويدلّ على هذا المعنى ما رواه محمد بن أبي عمير ، قال : « سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام عن معنى قول رسول الله صلىاللهعليهوآله : الشقيّ من شقي في بطن اُمه ، والسعيد من سعد في بطن اُمه. فقال : الشقي من علم الله وهو في بطن اُمه أنه سيعمل أعمال الأشقياء ، والسعيد من علم الله وهو في بطن اُمه أنه سيعمل أعمال السعداء.
قلت له : فما معنى قوله صلىاللهعليهوآله : اعملوا
فكل ميسّر لما خلق الله ؟ فقال : إن