استقى الإمام الكاظم علمه من أبيه أبي عبد الله الصادق عليهماالسلام ، مؤسس مدرسة أهل البيت العلمية الكبرى ، فقد نشأ ودرج في حجره ، وأخذ عنه العلم ، وورث منه مصادر الإيمان والحق ، وأثنى الإمام الصادق عليهالسلام على قدراته العلمية ونبوغه منذ أن كان يافعاً في أكثر من مناسبة ، قال الإمام الرضا عليهالسلام : « إن موسى بن جعفر عليهماالسلام تكلم يوماً بين يدي أبيه فأحسن ، فقال له : يا بني ، الحمد لله الذي جعلك خلفاً من الآباء ، وسروراً من الأبناء ، وعوضاً عن الأصدقاء » (١).
كان عليهالسلام أعلم أهل زمانه وأفقههم وأحفظهم لكتاب الله ، وكان يعرف بالعالم لسعة علمه وعمق حكمته ، ولما روي عنه في فنون العلم المختلفة.
واعترف له بالتقدم في العلم والفضل حتى أعدائه كما قدمنا (٢).
وعلى صعيد رواية العلم فقد قال الشيخ المفيد : « وقد روى الناس عن أبي الحسن موسى عليهالسلام فأكثروا » (٣). واستطاع عليهالسلام أن يتواصل مع نشاط مدرسة أبيه عليهالسلام ، عن طريق الحفاظ على النخبة الصالحة من أقطابها الرواة الثقات والفقهاء والمؤلفين الذين أسهموا في رواية الحديث ونشر سائر علوم أهل البيت ، وقد بلغ عدد أصحابه الذين رووا عنه وغيرهم أكثر من خمسمائة (٤) ،
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٢٧.
(٢) راجع : عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٩٣ / ١٢ ، أمالي الصدوق : ٣٠٧ / ١.
(٣) الارشاد ٢ : ٢٣٥.
(٤) راجع : أحسن التراجم لأصحاب الإمام الكاظم عليهالسلام / عبد الحسين الشبستري. عدّ فيه ٥٣٣ رجلاً ممن روى عنه عليهالسلام ، واستدرك سبعة غيرهم في آخر الكتاب.