أسألك أن تفرغني لعبادتك ، اللهم وقد فعلت ، فلك الحمد » (١). من هنا كان عليهالسلام يحيي الليل كله صلاة وقراءة للقرآن ودعاء ، ويصوم النهار في أكثر الأيام.
لقد واجه الإمام الكاظم عليهالسلام السجن بروح ملؤها الصبر والإصرار والتحدّي ، فلم يهن ولم تلن له قناة ، بل بقي في موقع القوة والصلابة والعنفوان والإخلاص لله ولرسوله وللإسلام والأمة ، كما لم يخطر بباله أن يظهر الإذعان والخضوع إلى السلطان الجائر كي يستدرّ عطفه وشفقته ، فقد قيل له عليهالسلام وهو في الحبس : « لو كتبت إلى فلان يكلم فيك الرشيد ؟ فقال : حدثني أبي عن آبائه : أن الله عزوجل أوحى إلى داود : يا داود ، إنه ما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي دوني... إلاّ وقطعت عنه أسباب السماء ، وأسخت الأرض من تحته » (٢).
تتفاوت مواقف الإمام الكاظم عليهالسلام من الرشيد بحسب المقام الذي يمليه عليه ، فقد يواجهه بالموعظة الحسنة أحياناً.
عن إسماعيل بن بشر بن عمّار ، قال : « كتب هارون الرشيد إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام : عِظني وأوجز. قال : فكتب إليه : ما من شيءٍ تراه عينك إلاّ وفيه موعظةٌ » (٣).
وعن عبدالعظيم الحسني ، عن محمد بن علي ، عن أبيه ، قال : « دخل موسى ابن جعفر عليهالسلام على هارون الرشيد ، وقد استخفه الغضب على رجلٍ ، فقال له :
__________________
(١) الإرشاد ٢ : ٢٤٠ ، الفصول المهمة : ٢٢٠.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤١٤.
(٣) أمالي الصدوق : ٥٩٩ / ٨٢٩.