معهم شتّى أساليب الظلم والجور والقتل والسجن وغيرها ممّا هو ثابت في صفحات التاريخ ، من هنا فإنّ التعاون مع تلك السلطات هو تعبير عن حالة الرضا عن ذلك الموقف ، وعن ممارسات الظلم التي يعاني منها غالبية الناس ، فلو لم يجد الحاكمون من يعينهم على ظلمهم وتعسّفهم لما تمادوا إلى هذا الحدّ.
ثانياً : إنّ السلطة تعتبر كياناً قائماً على الظلم والجور وبعيداً عن المنهج الإسلامي الأصيل في ممارسة الإدارة والحكم وعن أبسط مبادئ الإسلام الساميه وعقيدته السمحاء ، وعليه فإنّ العمل في أجهزتها يعبّر عن الإقرار بشرعيتها والاعتراف بأحقيّة ممارساتها.
ثالثاً : إنّ هذا الموقف هو بمثابة دعوةٍ صريحةٍ للاُمّة إلى الانفتاح على مبادئها الرسالية وتوعيتها على واقع الظلم والفساد الذي يعيشه الحكم بسبب السلوك الهزيل الذي تبنّاه الحاكمون في قيادة مسيرة الاُمّة.
إلى جانب هذا الموقف نجد الإمام الكاظم عليهالسلام أجاز في حالات استثنائية لبعض شيعته ممارسة العمل في أجهزة الدولة ، فكان من بين الذين زاولوا عمل السلطان أحد أصحابه الكبار وهو علي بن يقطين الذي تولّى ديوان الأزمّة (١) أيام المهدي ، ومنصب الوزارة أيام هارون ، وأقره الإمام الكاظم عليهالسلام. وعبد الله ابن سنان الكوفي ، وكان خازناً للمنصور والمهدي والهادي والرشيد ، وهو ثقة جليل لا يطعن عليه في شيء (٢).
وقد أجاز عليهالسلام ذلك لمصالح وأسباب خاصة ، منها إرساء قواعد الحقّ
__________________
(١) وهو ديوان استحدثه عمر بن بزيع أيام المهدي لضبط الدواوين المتعددة وتولاّه بعده علي بن يقطين. تاريخ الطبرى ٨ : ١٦٧ ، أحداث سنة ( ١٦٨ ه ).
(٢) رجال النجاشي : ٢١٤ ، خلاصة العلاّمة : ١٩٢.