وكان عليهالسلام ينبذ لباس الشهرة لما فيه من الكبر والزهو الذي يتقاطع مع ما أخذ به نفسه من الزهد والانقطاع إلى الله ، ورد في مكارم الأخلاق : « لم يكن شيء أبغض إليه عليهالسلام من لبس الثوب المشهور ، وكان يأمر بالثوب الجديد فيغمس في الماء ويلبسه » (١).
الحلم خلق نبوي كريم ، تحلّى به الإمام الكاظم عليهالسلام ، وضرب أمثلة سائرة في سعة الصدر ، والصبر على كيد الأعداء والمناوئين ، والصفح عمّن أساء إليه ومقابلة الإساءة بالإحسان.
وقد نقل لنا كتاب سيرته قصصاً ملفتة للنظر لسعة الصدر وللاُسلوب العلمي الذي أراده الله في احتواء الأعداء وتحويلهم إلى أصدقاء.
ومن سماحة نفسه أنه كان يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه ، فيبعث إليه بصرة فيها ألف دينار (٢) ، وإنما لقّب الكاظم لكثرة تجاوزه وسعة حلمه واحتماله الأذى ، وإحسانه إلى من يسيء إليه (٣) ، ولما كظمه من الغيظ وصبر عليه من فعل الظالمين به حتى مضى قتيلاً في حبسهم ووثاقهم (٤).
ورويت عنه أقوال مأثورة تحثّ على التمسك بهذا الاتجاه ، فقد روي عنه أنه أحضر ولده يوماً فقال لهم : « يا بني ، إني أوصيكم بوصية من حفظها انتفع بها ، إذا أتاكم آتٍ فأسمع أحدكم في الإذن اليمنى مكروهاً ، ثم
__________________
(١) مكارم الأخلاق : ١٣٧.
(٢) تذكرة الخواص : ١٩٦ ، مقاتل الطالبيين : ٣٣٢.
(٣) عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : ٢٢٦.
(٤) تذكرة الخواص : ١٩٦ ، اعلام الورى ٢ : ٣٢ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٤٣٧ ، ألقاب الرسول وعترته : ٦٣.