المصيصة ، وبناء سور وحفر خندق حول الكوفة ، وذكر المؤرخون أن المنصور أخذ ما غرم على ذلك من أموال أهلها من كل إنسان من أهل اليسار أربعين درهماً ، وقد فرضها أولاً خمسة دراهم خمسة دراهم ، ثم جباها أربعين أربعين !! فقال في ذلك بعضهم :
يا لقومي ما رأينا |
|
من أمير المؤمنينا |
قسم الخمسة فينا |
|
وجبانا أربعينا |
وحين بنى المنصور مدينة المصيصة أخذ أموال الناس حتى ما ترك عند أحد فضلاً ، وكان مبلغ ما أخذ ثمانمائة ألف ألف درهم.
وفي سنة ( ١٥٧ ه ) بنى المنصور قصره المسمى بالخلد في بغداد ، فاكتمل سنة ( ١٥٨ ه ) وسكنه أياماً يسيرة ثم مات وتركه وخرب القصر من بعده.
وفي سنة ( ١٥٩ ه ) بنى المهدي الرصافة وخندقها ، وفي سنة ( ١٦٦ ه ) ذهب المهدي إلى قصره المسمى بعيساباذ الذي بناه بالآجر ، وبنى الهادي قصراً سماه الأبيض بعيساباذ من الجانب الشرقي من بغداد (١) ، وأمر الرشيد ببناء طرسوس في سنة ( ١٧١ ه ) فأحكم بناءها ، وجعل لها خمسة أبواب وحولها سبعة وثمانين برجاً ، ولها نهر عظيم يشق وسطها عليه القناطر المعقودة (٢).
إن الصفة الغالبة على رجال الدولة وعلى رأسهم ( الخليفة ) هي الاسراف في انفاق الأموال الطائلة العائدة إلى بيت المال لأغراضهم الخاصة ، كاقتناء الجواري والسراري والقيان والمغنين والشعراء وبناء القصور ، فحينما استخرج
__________________
(١) البداية والنهاية ١٠ : ١٧٠.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٨٧ و ٤١٠ ، البداية والنهاية ١٠ : ١٢١ و ١٢٣ و ١٢٨ و ١٣٠ و ١٣٤ و ١٣٧ و ١٥٨ و ١٥٩.