كَانُوا ) (١) ، وهو الأول الذي لا شيء قبله ، والآخر الذي لا شيء بعده ، وهو القديم وما سواه مخلوق محدث ، تعالى عن صفات المخلوقين علواً كبيراً » (٢).
وعن محمد بن حكيم ، قال : « كتب أبو الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام إلى أبي : إن الله أعلى وأجل وأعظم من أن يبلغ كنه صفته ، فصفوه بما وصف به نفسه ، وكفوا عما سوى ذلك » (٣).
ففي هذين الحديثين نجد أن الإمام عليهالسلام يريد أن يؤكد حقيقة عدم قدرة البشر على معرفة الله في صفاته إلاّ من خلاله ، وأنه لا يعرف الله إلاّ هو ، فهو الذي أحاط بذاته ولم يحط بذاته أحد سواه إلاّ من خلاله ، لأن الله سبحانه هو المطلق الذي لا حدود لأية صفة من صفاته ، وعلى هذا الأساس فإن المحدود مهما كانت عظمته لا يستطيع أن يدرك كنه الخالق ، وإذا أراد أن يعرف الله في صفاته فعليه أن لا يتجاوز ما وصف به نفسه ، فإن ما وصف به نفسه هو الذي يمكن لنا أن نطل من خلاله على الحقيقة الكامنة في صفات الله ، وإلاّ فقد يصفه من خلال ما يتوهمه ويتخيله فيقول ما لا يرضي الله.
كان الجدل يدور في صفات الله تعالى بين المعطلة والمشبهة ، فيذهب المعطلة إلى استحالة معرفة الله تعالى على العقول ، بينما ينسب المشبهة أو المجسمة الصفات البشرية إلى الذات الإلهية ، ويتطاولون إلى حدّ القول بأن الله سبحانه ينزل إلى السماء الدنيا على حمار بصورة شاب أمرد تقدّس وتعالى عن ذلك ، الأمر الذي نفاه الإمام الكاظم عليهالسلام بشدة على ما سيأتي ، إذ ان منهج الأئمة عليهمالسلام
__________________
(١) سورة المجادلة : ٥٨ / ٧.
(٢) التوحيد : ٧٦ / ٣٢.
(٣) الكافي ١ : ١٠٢ / ٦.