يقوم على أساس التحدّث بلغة القرآن وأخذ العناوين الكبرى في العقيدة منه لا من غيره ، من هنا فهم عليهمالسلام ينفون التشبيه والتجسيم والتعطيل جميعاً ، ويقولون إن الله تبارك وتعالى واحد ليس كمثله شيء ، خارج عن الحدين : حد التعطيل ، وحد التشبيه ، وانه ليس بجسم ولا صورة ، ولا عرض ولا جوهر ، بل هو مجسم الأجسام ومصور الصور وخالق الأعراض والجواهر ، رب كل شيء ومالكه وجاعله ومحدثه.
وفيما يلي نستعرض بعض الروايات الواردة عن الإمام الكاظم عليهالسلام وهي تؤكد هذه المضامين :
عن يعقوب بن جعفر الجعفري ، عن أبي إبراهيم عليهالسلام ، قال : « ذكر عنده قوم يزعمون أن الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا.
فقال عليهالسلام : إن الله لا ينزل ولا يحتاج إلى أن ينزل ، إنما منظره (١) في القرب والبعد سواء ، لم يبعد منه قريب ، ولم يقرب منه بعيد ، ولم يحتج إلى شيء ، بل يُحتاج إليه ، وهو ذو الطول لا إله إلاّ هو العزيز الحكيم. أما قول الواصفين انه ينزل تبارك وتعالى ، فإنما يقول ذلك من ينسبه إلى نقص أو زيادة (٢) ، وكل متحرك محتاج إلى من يحركه أو يتحرك به ، فمن ظن بالله الظنون هلك ، فاحذروا في صفاته من أن تقفوا له على حد تحدونه بنقص أو زيادة ، أو تحريك أو تحرّك ، أو زوال أو استنزال ، أو نهوض أو قعود ، فإن الله جلّ وعزّ عن صفة الواصفين ، ونعت الناعتين ، وتوهم المتوهمين ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ *
__________________
(١) أي مراقبته للأشياء بالعلم والإحاطة.
(٢) لأن الحاجة إلى النزول والصعود إنما تكون في الممكن الذي ينقص فيحتاج إلى أن يكمل نقصه ، ويزيد فيحتاج إلى أن يستزيد.