وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ) (١)» (٢).
نلاحظ هنا كيف يرصد الإمام عليهالسلام الانحراف في تصور الخالق سبحانه ، وكيف يضع المسألة في نصابها التوحيدي ، بتجريد الذات الإلهية عن كل صفات الممكن ، وتوجيه الناس إلى عدم الخوض في صفاته بما لا يملكون كنهه وعمقه ، وأن يصفوه بما وصف به نفسه ، فإنه أعرف بنفسه من مخلوقاته كلها.
وعن يونس بن عبد الرحمن ، قال : « قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام : لأي علة عرج الله بنبيه صلىاللهعليهوآله إلى السماء ، ومنها إلى سدرة المنتهى ، ومنها إلى حجب النور ، وخاطبه وناجاه هناك ، والله لا يُوصف بمكان ؟ فقال عليهالسلام : إن الله تبارك وتعالى لا يُوصف بمكان ، ولا يجري عليه زمان ، ولكنه عز وجل أراد أن يشرف به ملائكته وسكان سماواته ، ويكرمهم بمشاهدته ، ويريه عجائب عظمته ، ما يخبر به بعد هبوطه ، وليس ذلك على ما يقول المشبهون ، سبحان الله وتعالى عما يشركون » (٣).
وعن الشيخ المفيد ، قال : « قال يونس بن عبد الرحمن يوماً لموسى بن جعفر عليهماالسلام : أين كان ربك حين لا سماء مبنية ولا أرضاً مدحية ؟ قال عليهالسلام : كان نوراً على نور ، خلق من ذلك النور ماء منكدراً ، فخلق من ذلك الماء ظلمة ، فكان عرشه على تلك الظلمة. قال : إنما سألتك عن المكان ! قال : قال عليهالسلام : كلما قلت : أين ، فأين هو المكان. قال : وصفت فأجدت ، إنما سألتك عن المكان الموجود المعروف ! قال : كان في علمه لعلمه ، فقصر علم العلماء عند علمه » (٤).
__________________
(١) سورة الشعراء : ٢٦ / ٢١٧ ـ ٢١٩.
(٢) الكافي ١ : ١٢٥ / ١ ، الاحتجاج ٢ : ١٥٦ ، التوحيد : ١٨٣ / ١٨.
(٣) علل الشرائع ١ : ١٢٦ ، التوحيد : ١٧٥ / ٥.
(٤) الاختصاص : ٦٠.