انّما تغضب لله عزوجل ، فلا تغضب له بأكثر مما غضب لنفسه » (١).
وقال الرشيد لموسى بن جعفر عليهماالسلام : « اني قاتلك ! فقال : لا تفعل ، فإني سمعت أبي يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن العبد يكون واصلاً لرحمه وقد بقي من أجله ثلاث سنين فيمدها الله له حتى ثلاثين سنة ، ويكون العبد قاطعاً لرحمه وقد بقي من أجله ثلاثون سنة فيصيرها الله حتى يجعلها ثلاث سنين » (٢).
وقد تكون المواجهة أشد وأكثر وقعاً ، كما في المناظرات التي ردّ فيها الإمام عليهالسلام شبهات الرشيد المتعلقة بالامامة وحقوق أهل البيت عليهمالسلام ، وانتسابهم إلى جدهم المصطفى صلىاللهعليهوآله ، وفضلهم على بني العباس. ومنها ما رواه هاني بن محمد بن محمود ، عن أبيه ، رفعه إلى موسى بن جعفر عليهماالسلام أنه قال : « دخلت على الرشيد فقال لي : لِمَ جوزتم للعامة والخاصة أن ينسبوكم إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ويقولون لكم : يا بني رسول الله ، وأنتم بنو علي ، وانما ينسب المرء إلى أبيه ، وفاطمة إنما هي وعاء ، والنبي جدكم من قبل اُمكم ؟
فقلت : يا أمير المؤمنين ، لو أن النبي صلىاللهعليهوآله نشر فخطب إليك كريمتك ، هل كنت تجيبه ؟ فقال : سبحان الله ! ولِمَ لا اُجيبه ؟ بل أفتخر على العرب والعجم وقريش بذلك. فقلت : لكنه صلىاللهعليهوآله لا يخطب إليّ ولا اُزوجه. فقال : ولِم ؟ فقلت : لأنّه ولدني ولم يلدك. فقال : أحسنت يا موسى.
ثم قال : كيف قلتم : إنا ذرية النبي صلىاللهعليهوآله ، والنبي لم يعقب ، وإنما العقب للذكر لا للاُنثى ، أنتم ولد البنت ، ولا يكون لها عقب ؟
فقلت : أسألك بحق القرابة والقبر ومن فيه إلاّ ما أعفيتني عن هذه المسألة. فقال : لا أو تخبرني بحجتكم فيه يا ولد علي ، وأنت يا موسى
__________________
(١) أمالي الصدوق : ٧١ / ٣٩ ، عيون أخبار الرضا ١ : ٢٩٢ / ٤٤.
(٢) ربيع الأبرار / الزمخشري ٣ : ٥٥٣.