الحكام عن واقع الناس ، الأمر الذي جعل الإمام عليهالسلام في موقع محبة الناس كلهم ، كما فتح عليه باب الصراع مع الحكام في حرب باردة يتغاضى الكثيرون عن ذكر أسبابها ، لكونها تتعلق بغيرة الحاكم وحسده وأنانيته وعدم التزامه.
من هنا نال الإمام عليهالسلام اعجاب كبار العلماء والمحدثين ممن أدركه وغيرهم ، على اختلاف مشاربهم وميولهم ، وكلهم أشاد بشخصيته الفذة وسجاياه الحميدة ومعالي أخلاقه وتفوقه على سائر المعاصرين له.
قال أحمد بن حجر الهيتمي المكي في الإمام الكاظم عليهالسلام : « هو وارث أبيه علماً ومعرفةً وكمالاً وفضلاً ، سمي الكاظم لكثرة تجاوزه وحلمه ، وكان معروفاً عند أهل العراق بباب قضاء الحوائج عند الله ، وكان أعبد أهل زمانه وأعلمهم وأسخاهم » (١).
وقال محمد بن طلحة الشافعي : « هو الإمام الكبير القدر ، العظيم الشأن ، المجتهد الجاد في الاجتهاد ، المشهور بالكرامات ، يبيت الليل ساجداً وقائماً ، ويقطع النهار متصدقاً وصائماً ، ولفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين عليه دعي كاظماً ، كان يجازي المسيء بإحسانه إليه ، ويقابل الجاني بعفوه عنه ، ولكثرة عبادته كان يسمى بالعبد الصالح ، ويعرف بالعراق بباب الحوائج إلى الله ، لنجح مطالب المتوسلين إلى الله تعالى به ، كراماته تُحار منها العقول ، وتقضي بأن له عند الله تعالى قدم صدق لا تزل ولا تزول » (٢).
في ما يلي نأتي إلى نبذة من الملكات القدسية الفذّة والخصال الروحانية الفريدة التي تحلى بها الإمام الكاظم عليهالسلام من العلم والعبادة والزهد والكرم والمروءة والتواضع والحلم والسماحة :
__________________
(١) الصواعق المحرقة : ١١٢.
(٢) مطالب السؤول : ٧٦.