لَكُمْ إِن كَانَ اللهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) (١)
ثم قال : قال الله : يا بن آدم ، بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء ، وبقوتي أديت إليّ فرائضي ، وبنعمتي قويت على معصيتي ، وجعلتك سميعاً بصيراً قوياً ، فما أصابك من حسنة فمني ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك ، وذلك لأني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون. ثم قال : قد نظمت لك كل شيء تريده » (٢).
وروى داود بن قبيصة عن الإمام الرضا عليهالسلام أنه قال : « سأل رجل أبي عليهالسلام : هل منع الله عما أمر به ، وهل نهى عما أراد ، وهل أعان على ما لم يرد ؟ فقال عليهالسلام : أما قولك هل منع عما أمر به ، فلا يجوز ذلك عليه ، ولو جاز ذلك لكان قد منع إبليس عن السجود لآدم ، ولو منعه لعذره ولم يلعنه. وأما قولك هل نهى عما أراد ، فلا يجوز ذلك ، ولو جاز ذلك لكان حيث نهى آدم عليهالسلام عن أكل الشجرة أراد منه أكلها ، ولو أراد منه أكلها ، لما نادى عليه صبيان الكتاتيب ( وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ ) (٣) والله تعالى لا يجوز عليه أن يأمر بشيء ويريد غيره. وأما قولك : هل أعان على ما لم يرد ، فلا يجوز ذلك عليه ، وتعالى الله عن أن يعين على قتل الأنبياء وتكفيرهم ، وقتل الحسين بن علي عليهماالسلام والفضلاء من ولده ، وكيف يعين على ما لم يرد وقد أعدّ جهنم لمخالفيه ، ولعنهم على تكذيبهم لطاعته وارتكابهم لمخالفته ؟ ولو جاز أن يعين على ما لم يرد ، لكان أعان فرعون على كفره وادعائه أنه رب العالمين ، أفترى أنه أراد من فرعون أن يدعي الربوبية ؟
__________________
(١) سورة هود : ١١ / ٣٤.
(٢) المحاسن : ٢٤٤ / ٢٣٨.
(٣) سورة طه : ٢٠ / ١٢١.