فأتى أهل الدار أبا الحسن عليهالسلام فسألوه أن يكتب لهم إلى المهدي كتاباً في ثمن دارهم ، فكتب إليه : أن أرضخ لهم (١) شيئاً ، فأرضاهم » (٢).
ولم يكن الإمام الكاظم عليهالسلام بالذي يهاب المهدي من أن يواجهه بأخطر مسألة تعرض لها أهل البيت عليهمالسلام ، وهي قضية فدك التي تمثل عند الإمام الكاظم عليهالسلام رمزاً للحقّ المغتصب والخلافة المسلوبة بناءً على التحديد الذي ذكره ، فقد ورد الإمام الكاظم عليهالسلام مرة على المهدي فرآه يرد المظالم ، ولعل ذلك في موسم الحج ، فقال : « ما بال مظلمتنا لا تُرد ؟ ، فقال له : وما ذاك يا أبا الحسن ؟ قال : فدك ، قال المهدي : حدها لي ، فقال : حدّ منها جبل أحد ، وحدّ منها عريش مصر ، وحدّ منها سِيف البحر ، وحدّ منها دومة الجندل ، فقال له : كل هذا ؟ قال : نعم ، هذا كله مما لم يوجف أهله على رسول الله صلىاللهعليهوآله بخيل ولا ركاب ، فقال : هذا كثير وأنظر فيه » (٣).
ولعل قرار سجن الإمام عليهالسلام كان هو الجواب الذي نظر فيه المهدي ، فلما اشتهر الإمام عليهالسلام وذاع صيته وتوسعت مرجعيته ، عمد المهدي إلى استدعائه إلى بغداد ، فحبسه ليكون محاصراً ومعزولاً عن شيعته في المدينة.
روى أبو خالد الزبالي خبر اشخاصه من المدينة إلى بغداد من قبل المهدي العباسي ، فقد رآه الإمام عليهالسلام منقبضاً تعلو وجهه سحابة قاتمة من الوجد لأنه لا يأمن عليه في مسيره إلى الطاغية ، فطمأنه الإمام عليهالسلام قائلاً : « يا أبا خالد ، ليس عليّ بأس » (٤) ، وفعلاً أطلقه المهدي بعد أن مكث مدة في السجن ملياً.
__________________
(١) أرضخ له : أعطاه عطاءً غير كثير ، أو قليلاً من كثير.
(٢) تفسير العياشي ١ : ٣٢٣ / ٧٢٩.
(٣) الكافي ١ : ٤٥٦ / ٥ ، التهذيب ٤ : ١٤٨ / ٤١٤.
(٤) الكافي ١ : ٤٧٧ / ٣ ، اثبات الوصية : ١٦٥ ، الخرائج والجرائح ١ : ٣١٥ / ٨.