ذكر كثير من المؤرخين أن المهدي لم يطلقه إلاّ بعد أن رأى برهان ربه ، رووا عن الفضل بن الربيع عن أبيه ، أنه لما حبس المهدي موسى بن جعفر رأى المهدي في النوم علي بن أبي طالب عليهالسلام وهو يقول : « يا محمد ، ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ) (١) ، قال الربيع : فأرسل لي ليلاً فراعني ذلك ، فجئته فاذا هو يقرأ هذه الآية ، وقال : عليّ بموسى بن جعفر ، فجئته به فعانقه وأجلسه إلى جانبه وقال : يا أبا الحسن ، اني رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في النوم يقرأ علي كذا ، فتؤمنني أن تخرج علي أو على أحد من ولدي ؟ فقال : الله لا فعلت ذاك ، ولا هو من شأني ، قال : صدقت ، يا ربيع أعطه ثلاثة آلاف دينار ورده إلى أهله إلى المدينة ، قال الربيع : فأحكمت أمره ليلاً ، فما أصبح إلاّ وهو في الطريق خوف العوائق » (٢).
وكان المهدي يقصد قتله عليهالسلام لكن مشيئة الله سبحانه كانت تحول دون ذلك ، ذكر ابن شهر آشوب أنه في الليلة التي أمر باطلاق الإمام عليهالسلام كان قد أمر حميد بن قحطبة أن يقتله في السحر بغتة ، فرأى في تلك علياً عليهالسلام يشير إليه ويقرأ الآية فانتبه مذعوراً ، ونهى حميداً عما أمره ، وأكرم الكاظم عليهالسلام ووصله (٣). وذكر ابن عنبة أن المهدي تنكر له بعد اطلاقه ، فهلك قبل أن يوصل إلى
__________________
(١) سورة محمّد : ٤٧ / ٢٢.
(٢) تاريخ بغداد ١٣ : ٣٢ ، البداية والنهاية ١٠ : ١٩٧ ، صفة الصفوة / ابن الجوزي ٢ : ١٨٤ ، تذكرة الخواص / سبط ابن الجوزي : ٢٤٩ ، وفيات الأعيان / ابن خلكان ٥ : ٣٠٨ ، سير أعلام النبلاء / الذهبي ٦ : ٢٧٢ ، الفصول المهمة / ابن الصباغ : ٢٣٠ ، تاريخ الطبري ٦ : ٣٩٨ ، مرآة الجنان / اليافعي ١ : ٣٩٤ ، الصواعق المحرقة / الهيتمي : ١٢٣ ، مطالب السؤول / ابن طلحة : ٨٣ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٥٣.
(٣) مناقب آل أبي طالب ٣ : ٤١٨.