وحين عاد الفضل بن يحيى من خراسان أنشده مروان بن أبي حفصة :
ما الفضل إلاّ شهاب لا أفول له |
|
عند الحروب إذا ما تأفل الشهب |
فأمر له بمائة ألف درهم (١).
ولا تقف سياسة البذخ والاسراف بالمال العام على رأس الهرم في السلطة وحسب ، بل تمتد إلى قاعدة عريضة من ولاة الدولة وعمالها وقادتها ، ففي سنة ( ١٧٣ ه ) توفّي بالبصرة محمد بن سليمان (٢) ، فأمر الرشيد بالاستيلاء على أمواله ، فوجدوا من ذلك شيئاً كثيراً من الذهب والفضة والأمتعة والأملاك ، ومن جملته وجدوا من الذهب ثلاثة آلاف ألف دينار ، ومن الدراهم ستة آلاف ألف (٣).
ولجواري البلاط السهم الأوفر من بيت المال ، فقد عثر عند خالصة إحدى حظيات المهدي على عشرة آلاف دينار (٤). وكان للخيزران جارية المهدي وأم الهادي والرشيد ضياع كثيرة غلتها في كل سنة ألف ألف وستين ألفاً (٥).
أما المغنون فحديثهم ذو شجون ، ففي هذا العصر عكف الخلفاء على سماع الغناء وتقريب المغنين وبذلوا لهم أموالاً جزيلة من الصلات والهبات ، حتى أصبحوا طبقة مرفهة في المجتمع ، ومنهم مخارق بن يحيى الجزار ، وكان الرشيد العباسي يعجب به حتى أقعده مرة على السرير معه ، وأعطاه ثلاثين ألف
__________________
(١) البداية والنهاية ١٠ : ١٨٣.
(٢) هو محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس ، جمع له المنصور بين البصرة والكوفة ، وزوجه المهدي ابنته العباسة ، وكان دخله في كل يوم مائة ألف.
(٣) البداية والنهاية ١٠ : ١٧٣.
(٤) البداية والنهاية ١٠ : ١٣٤.
(٥) البداية والنهاية ١٠ : ١٧٥.