صلاها المكلف فعلاً ، ليدخل وقت العصر على نحو الإطلاق ومن دون مزاحم واشتراط وفرض وتقدير في قبال ما قبل مضي أربع ركعات بالفعل ، فانّ دخول الوقت بالنسبة إلى العصر حينئذ إنما هو على تقدير وفرض مضي زمان يسع لأربع ركعات.
ومما يدل على ما ذكرناه : أنه لو كان المراد هو الزمان التقديري فهذا الزمان غير منضبط في نفسه ، فلا بد وأن يكون المراد منه أحد أمرين : إما الزمان المتعارف بالنسبة إلى الناس فإنهم مختلفون بين مقلّ ومكثر ومتوسط والأخير هو المتعارف أو يكون كل شخص بالنسبة إلى حاله.
أما الأوّل : فمقتضاه عدم جواز الشروع في العصر لو فرغ عن الظهر قبل الوقت المتعارف ، فلو فرضنا أنّ المتعارف لصلاة الظهر يستوعب ثمان دقائق من الوقت وقد صلى في أربع دقائق لم يجز له الدخول في العصر قبل مضي الثمان ، بل لا بدّ له من الانتظار والصبر إلى أن يمضي أربع دقائق أُخر ، وهذا كما ترى مخالف لصريح النصوص والفتاوى القاضية بجواز الشروع في العصر بمجرد الفراغ من الظهر حيثما اتفق.
وأما الثاني : فمع كونه خلاف الظاهر كما لا يخفى ، بل بعيد في نفسه ، إذ لازمه اختلاف وقت العصر باختلاف المصلين فيكون داخلاً بالنسبة إلى مكلف غير داخل بالنسبة إلى الآخر وهو كما ترى ، بل ومنافٍ لقاعدة الاشتراك في الأحكام ، أنه لا يخلو الحال إما أن يكون المراد هو المتعارف بالنسبة إلى حاله ، فيرد عليه ما أوردناه على الأول آنفاً ، وإما أن يكون المقصود هو الاقتصار على أقلّ الواجبات فهذا خلاف الظاهر جدّاً ، فلا جرم يكون المراد هو الزمان الفعلي (١) كما استظهرناه لا التقديري.
__________________
(١) لكن هذا ايضاً مخدوش ، إذ مضافاً إلى عدم انسجامه مع قوله في الذيل « حتى يبقى من الشمس مقدار .. » إلخ ضرورة أن المراد هنا إنما هو الزمان التقديري لا الفعلي فيكون كذلك في