عرفت ، وبما أن نسبة قوس الجبهة التي هي المناط في تحقق الاستقبال والاتجاه نحو الشيء عرفاً إلى مجموع دائرة الرأس هي السبع تقريباً ، حيث إن عرض الجبهة المتعارفة أربع أصابع ومجموع دائرة الرأس المتعارف ثمان وعشرون إصبعاً تقريباً ، فتكون النسبة هي السبع ، فسبع دائرة الرأس مواجه لسبع الدائرة الثانية المارة بمسجد الجبهة بحيث لو رسمنا خطاً من أي جزء من أجزاء هذا السبع فهو يصل إلى ناحية من قوس الجبهة لا محالة ، فلو فرضنا اتساع الدائرة الثانية إلى أن انتهت إلى دائرة الأُفق فالنسبة هي النسبة بعينها ، أي أن قوس الاستقبال من دائرة الأُفق نسبته إليها هي السبع الذي كان نسبة قوس الجبهة إلى مجموع دائرة الرأس ، غايته أن البعد اقتضى اتساع دائرة المحاذاة ، وعليه فقوس الجبهة مواجه حقيقة لتمام سبع الدائرة من الأُفق. ومن هنا لو اتجه المصلي نحو هذا السبع من الدائرة المتضمن للكعبة ففي أي جزء من أجزائه وقعت الكعبة كان متوجهاً إليها حقيقة ومستقبلاً لعينها تحقيقاً ، من دون أية عناية ومسامحة ، لما عرفت من مواجهة جميع أجزاء السبع مع الجبهة لدى المقابلة ، غاية الأمر أن الكعبة لو كانت في وسط السبع كانت المواجهة مع وسط قوس الجبهة ، ولو كانت في يمين السبع أو يساره كان الاتجاه مع يمين الجبهة أو يسارها حسب اختلاف الدرجات.
ومنه يظهر أن الانحراف بدرجات يسيرة كالعشرة والعشرين بل ستة وعشرين غير قادح في تحقق الاستقبال ما لم يخرج عن حدّ السبع الذي يزيد حينئذ عن ستة وعشرين درجة كما لا يخفى.
فتحصّل من جميع ما ذكرناه : أنّ الكعبة بعينها قبلة لعامة الناس ، سواء فيه القريب والبعيد كما تقتضيه ظواهر النصوص من الآيات والروايات. وهذا على النحو الذي بيناه أمر يسهل تناوله للجميع من دون ابتنائه على التحقيق والتدقيق ، فلا وجه للعدول عن مقتضى ظواهر النصوص إلى الجهة العرفية أو المسامحية التي لم يتضح المراد منها ولا الدليل عليها ، فلم نتعقل معنى