به بالبصر أو السمع. وأمّا ما كان بالدليل القطعي كما هنا ، فبتنزيل الحضور المعنوي الباطني منزلة الحضور الحسّي ؛ لأنَّه إذا نظر في الآثار ودلَّه صحيحُ النظر والاعتبار على الوحدة الحقيقيّة دلالة قطعيَّة كان كَمَنْ أبصر الشهود العدول من الآيات الجليَّة الآفاقيَّة والأنفسيَّة ، فإنَّ كلَّ شيء منها يشهد شهادة حضور ومعاينة باللسان الصادق من حاله بوحدة المتعالي في عزّه وجلاله.
و ( أنْ لا إلهَ ) لجميع المخلوقات من الناطقات ، والصامتات ، والجامدات ، والناميات ، وأصناف [ المبروءات والمذروءات (١) ].
( إلّا الله ) الجامع لجميع الكمالات.
والإله في أصل اللغة (٢) يقال لكلّ معبودٍ سواء كان بحقّ أو باطل ، ثمّ غُلِّبَ في الاستعمال على المعبود بالحقّ.
وعن ( الكشّاف ) : أنَّ ( إلهاً ) بالتنكير لمطلق المعبود ، وبالتعريف للمعبود بالحقّ (٣).
وقد تُحذف همزته فيقال : لاه ، كقراءة بعضهم : وهو الذي في السماء لاه وفي الأرض لاه (٤).
وقول الشاعر :
كحلفَةٍ مِنْ أبي رباحٍ |
|
يَسمعُها لاهُهُ الكبارُ (٥) |
وهل هو اسم جنسٍ أو صفةٌ؟
قيل بالأوّل ؛ لأنَّه يوصف ولا يوصف به كما هو شأن الأسماء ، فيقال : إلهٌ واحد ، ولا يقال : شيء إلهٌ ، كما لا يقال : شيء رجل.
وقيل بالثاني ؛ لقوله تعالى ( وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ ) (٦) ، لتعلّق الظرف
__________________
(١) في المخطوط : ( المذروّات والمبروّات ).
(٢) لسان العرب ١ : ١٨٨. إله.
(٣) الكشّاف ١ : ٥ ٦ ، بالمعنى.
(٤) حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي ١ : ٥٧.
(٥) البيت للأعشى ، في ديوانه : ١١١ ، مجمع البيان ١ : ٢٠.
(٦) الزخرف : ٨٤.