به. وكلا الدليلين ليس نصّاً في المدّعى :
أمّا الأوَّل ؛ فلجواز كون الوجه في عدم الوصف به إجراؤه مجرى العلم وإعطاؤه حكمه.
وأمّا الثاني ؛ فلجواز تعلّق الظرف به باعتبار صفة لازمة له وهي المعبوديّة ، كقوله :
أسدٌ عليَّ وفي الحروب نعامة |
|
[ ربداءُ تجفلُ من صفير الصافرِ (١) |
] وأمَّا خبر ( لا ) هذه فقد اضطربت فيه [ الأفهام (٢) ] ، وزلّت فيه أقدام الأقلام ، وانتصلت فيه سهام النقض والإبرام ؛ فذهب كثير من المحقّقين إلى الاستغناء في هذا المقام وأمثاله عن الخبر :
إمَّا لأنَّ ( إلّا الله ) مبتدأ و ( لا إله ) خبره ؛ لأنَّ أصله ( الله إله ) فزيدت ( لا ) و ( إلَّا ) لإفادة الحصر ، فمعناه : الله إلهٌ لا غيره. وإنَّمَا جُعل ( إلَّا الله ) مبتدأ ؛ لأنَّ إلهاً نكرة فلا يبتدأ بها.
وفيه : أولاً : أنَّه لا يتم في كلّ التراكيب ، كـ ( لا حول ولا قوّة إلّا بالله ) ، وليس مرادهم خصوص هذا التركيب.
وثانياً : أنَّه لا يدفع المحذور الذي أرادوا الفرار منه ؛ لأنّ حصر المستحقّ وهو معنى ( لا إله ) في الله تعالى ليس نصّاً في ما هو معتبر في الإيمان من عدم إمكان الغير ووجوده تعالى بالفعل ؛ لأنَّه إنْ أُريد بـ ( الإله ) واجب الوجود ؛ فإنْ أُريد حمله بالفعل فلا يدل إلّا على الوهيّته تعالى ونفي وجود إله غيره فعلاً ، ولا يدلّ على نفي إمكانه ، وإنْ أُريد حمله بالإمكان فلا يدلّ على وجوده سبحانه فعلاً ، وإنْ أُريد بالإله المعبود بالحقّ فلا ينفي تعدّد الواجب أصلاً.
وإمّا لأنَّ كلمة ( لا ) اسم فعل بمعنى انتفى ، كما أنَّ كلمة ( هاء ) اسم لـ ( خذ ) ، و ( يا ) اسم لـ ( أدعو ). وانتفاء نفس الشيء معقول ؛ لتعلّق السلب في السالبة بنفس الاتّصاف ، لا بحال من أحواله ، وإلّا لم يتحقّق التناقض بين الموجبة والسالبة ؛ لجواز
__________________
(١) لعمران بن حطّان قاتل الحجاج : الأغاني ١٨ : ١١٦ ، الكشّاف للزمخشري ١ : ٧٨.
(٢) في المخطوط : ( الإبهام ).