تفسيرَها ، وهو شائع ذائع في القرآن وفي كثير من فصيح كلام أهل اللسان.
وكما تكون الصلاة لُغةً بمعنى الرحمة كذلك تكون بمعنى الاستغفار ، والتزكية ، والدعاء ، وحسن الثناء من الله عزوجل على رسوله ، وبمعنى المتابعة والتنزيه.
والظاهر أنَّ التزكية والتنزيه والاستغفار بمعنى واحد ، ولعلَّه مرادُ مَن فسَّر صلاة الملائكة بالاستغفار ، مقتصراً عليه مع تفسيرها في الخبرين بالتزكية ؛ لاستلزام الاستغفار التزكية في الذنوب والتنزيه من العيوب. بل قد يجعل الاستغفارُ نوعاً من الدُّعاء وحُسْنُ الثناء من الله عزوجل قسماً من الرحمة ، كما يجوز جعل التعظيم داخلاً في التزكية والتنزيه ؛ لاستلزامه إيّاهما ، فينحصر معناها في الدعاء والرحمة والاستغفار والمتابعة ؛ ولهذا كان المتداول بين أرباب التصنيف الاقتصار عليها وعدم إضافة باقي المعاني إليها.
نعم ، يبقى الإشكال في أنَّ استعمالها في هذه المعاني من باب الحقيقة والمجاز ، أو الاشتراك اللفظي ، أو المعنوي؟ فقال الشارح الشهيد رحمهالله في شرح الكتاب و ( روض الجنان ) ناقلاً له فيه عن بعضهم أيضاً : إنَّها حقيقةٌ في الدعاء خاصّة من الله وغيره ، لكنّها منه تعالى مجاز في الرحمة (١) ، محتجّاً بخيْريّة المجاز من الاشتراك والآية السابقة.
وهو مردود : أوّلاً : بوجود أمارة الحقيقة فيها وهو التبادر ، والأصل فيه أنْ يكون وضعيّاً لا إطلاقياً.
وثانياً : بتصريح الأكثر على الاشتراك ، ولا أقلّ من إفادته الظنّ ، وخيْريَّة المجاز إنّما تجدي مع الشكّ. وأمّا الآية (٢) فقد مرّ الجواب عنها ، مع أنّها مشتركة الإلزام لا لاعترافه بأنّها منه تعالى بمعنى الرحمة ، وإنّما بمنع كونها حقيقة ، فلهذا أجاب عن الإلزام بمنع اختصاص العطف بلزوم المغايرة ، وجعله من عطف الشيء على مرادفه ، مستشهداً له ببعض الآيات والأخبار والأشعار. ولهذا كلّه جنح الأكثر إلى
__________________
(١) الروضة البهية ١ : ٢٠ ، روض الجنان : ٧.
(٢) الأحزاب : ٥٦.