( الناصريات ) (١) كما يقضي به التأمّل في عبارته ، مع المناقشة في هذا الإجماع أيضاً بوجوبها في خطبتي الجمعة كما هو قول الأكثر نقلاً وتحصيلاً كما قيل ، ومنهم أهل هذا الإجماع ، بل هو من معقد إجماع الخلاف (٢) والغنية (٣) والتذكرة (٤) وغيرها كما في ( جواهر الكلام ) (٥) ، بل فيها وفي ( الرياض ) نفي الخلاف عنه في الخطبة الثانية (٦) ، فيكشف هذا عن فساد ذلك الإجماع وعدم حسمه لمادة النزاع. والإجماع لا يقبل التخصيص ليخصّص بهذا المقام.
اللهمّ إلّا أن يُتكلّف دخوله في الحكم المجمع عليه بدعوى دخول الخطبتين في الصلاة ؛ لقيامهما مقام الركعتين في وجه ومقام الظهر في آخر ، ولا يخفى ما فيه وبُعده عن مذاق الفقيه.
واحتجّ للثاني بأمرين :
الأوّل : إطلاق قوله تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (٧) ، وإطلاق الأخبار الواردة في تفسيرها بعد تقييدها بما بعد الذكر فقط ؛ للإجماع على عدم وجوبها ابتداءً ، وإمكان جعل وجوبها في التشهّد لأجل الذكر ، لا من حيث الخصوصية ، إذ لا يبعد جعل الشارع إيّاها سبباً لترتّب هذا الحكم عليها. وحينئذ فتبقى الأحوال المتأخّرة من الذكر داخلةً تحت إطلاق الأمر إلّا إذا ذكر في ضمن الصلاة عليه لاستلزامه الدور المستلزم للعسر والحرج المنفيّين.
والثاني : الأخبار الخاصّة في المقام ، ففي ( الكافي ) بسندين عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : « إذا ذُكِر النبيّ صلىاللهعليهوآله فأكثروا الصلاة عليه ، فإنَّ مَنْ صلّى على النبيّ صلىاللهعليهوآله صلاة واحدة صلّى الله عليه ألف صلاة في ألف صفّ من الملائكة ، ولم يبقَ شيء ممّا خلقه الله إلّا صلّى على العبد لصلاة الله عليه وصلاة ملائكته ، فَمَنْ لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور ، قد برئ الله منه ورسوله
__________________
(١) الناصريات : ٢٢٩ / المسألة : ٩١.
(٢) الخلاف ١ : ٦١٦ / المسألة : ٣٨٤.
(٣) الغنية ( ضمن الجوامع الفقهية ) : ٤٩٨.
(٤) تذكرة الفقهاء ٤ : ٦٥ / المسألة : ٤٠٧.
(٥) جواهر الكلام ١١ : ٢٠٩.
(٦) جواهر الكلام ١١ : ٢١٠ ، رياض المسائل ٢ : ٤١٢.
(٧) الأحزاب : ٥٦.