والإطلاق.
وثانياً : أنّا لو تنزّلنا ، وحملنا النسيان فيها على الترك ؛ تحاشياً عن الطرح وحرصاً على الجمع ، إلّا إنّها بعيدة عن الدلالة على المراد غايةً ، وأجنبية عنه نهايةً ؛ لأنّ غايةَ ما تدلّ عليه أنَّ الصلاة على محمّد وآله صلىاللهعليهوآله طريق من طرق الجنّة فمَنْ تركها فقد أخطأ طريقاً منها. وهذا ممّا لا نزاع فيه ، ولا شكّ يعتريه.
وعن خبر توكيل الملكين وتأمين الله والملائكة (١) ، بعدم دلالته على الوجوب كما لا يخفى على أُولي الألباب والقلوب ؛ لأنّ قصارى ما فيه الدعاء بعدم المغفرة ، المحتمل احتمالاً راجحاً أو مساوياً ترتُّبه على الاستخفاف والاستهزاء واستكثار الثواب والجزاء ، لا على مطلق الترك ، وإنّما ينفع الثاني دون الأوّل.
وعن قوله عليهالسلام في صحيح زرارة :« وصلِّ على النبيّ صلىاللهعليهوآله كلَّما ذكرته » (٢) .. إلى آخره ، وقول الصادق والرضا عليهماالسلام : « والصلاة على النبيّ صلىاللهعليهوآله واجبة في كلّ موطن » (٣) .. إلى آخره ، بعدم دلالتهما على الوجوب :
أمّا أوّلاً ؛ فلأنّ الأمر وإنْ قيل بأنّ الأصل فيه الوجوب ، لكنّه مدفوع بالقرائن الصارفة عن إرادته هنا ، مع استعماله في أخبار الأئمّة الأطياب في الندب والاستحباب على وجه يساوي الحقيقة أو يرجح عليها كما قاله بعض الأصحاب ، ولأنّ الوجوب في كلام المتشرّعة وإنْ كان ظاهراً في مقابل الاستحباب إلّا إنّ المراد بالوجوب هنا إنّما هو المعنى اللغوي وهو مجرّد الثبوت ، لا المعنى الاصطلاحي. ومن تتبّع الأخبار ظهر له استعمال الوجوب في المعنى الأوّل في لسان الأئمّة الأطهار ظهور الشمس في رابعة النهار.
وأمّا ثانياً ؛ فلأنّ الظاهر منهما ورودهما لرفع توهّم الحظر الظاهر في غير الوجوب بقرينة ما في ( الكافي ) عن الفُضَيْل بن يَسَار ، قال : قلتُ لأبي جعفر عليهالسلام : إنَّ الناس
__________________
(١) البحار ٨٢ : ٢٧٩.
(٢) الفقيه ١ : ١٨٤ / ٨٧٥ ، الوسائل ٥ : ٤٥١ ، أبواب الأذان والإقامة ، ب ٤٢ ، ح ١.
(٣) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٢٤ ، الخصال : ٦٠٧ ، الوسائل ٧ : ٢٠٣ ٢٠٤ ، أبواب الذكر ، ب ٤٢ ، ح ٨.