المتعدّدين ، وهو ما يتوهّمه الذهن بين ما به الامتياز للشيئين.
إلّا إنّ المستفاد من الأخبار المفسّرة للآية الشريفة ثبوت وسط للإخفات أيضاً كالجهر ، فأدناه المنهي عنه مثل حديث النفس ، ووسطه المأمور به إسماعها ، وأعلاه المنهي عنه أيضاً إسماع الغير.
فعن العيّاشي ، عن سَمَاعة ، عن الصادق عليهالسلام : « المخافتة ما دونَ سمعِكَ ، والجهر أن ترفع صوتك شديداً » (١).
ورواه الكليني (٢) ، والشيخ (٣) ، عن سَمَاعة مضمراً.
وعن القمّي بسنده عن إسحاق بن عمّار ، عن الصادق عليهالسلام ، قال : « الجهرُ بها رفع الصوت عالياً ، والتخافت ما لم تُسمع نفسك ، واقرأ ما بين ذلك » (٤).
وعن العيّاشي ، عن الصادق عليهالسلام : « الجهر بها رفع الصوت ، والمخافتة ما لم تسمع أذناك ، وما بين ذلك قدر ما تسمع أذنيك » (٥).
وفي ( مجمع البحرين ) : ( وابتغ بين ذلك بين الجهر والمخافتة سبيلاً وسطاً ) (٦).
وحينئذٍ لا يتمّ الاستدلال ، بل مقتضى قوله عليهالسلام في العيّاشي الثاني : « وما بين ذلك قدر ما تسمع أذنيك » ، إن أريد به الوسط في الإخفات لقربه وإنّ إلحاق الكاف باعتبار المخاطب لا المكان كما في نظائره فات المطلوب ، وانعكس المراد. وإن أريد به الوسط منهما لزم ما لا يلتزمه المستدلّ من تضادّهما عقلاً ؛ لاجتماعهما حينئذ في إسماع النفس ، بل تلازمهما ، فيلزم في التمييز بينهما في مواضعهما العسر والحرج ، أو تكليف ما لا يطاق.
إلّا أن يتمّ ما قيل في دفع المنافاة من أن مورد الاجتماع لا يجتزى به في شيء من الصلوات ، ولعلّه خلاف النصّ والإجماع.
نعم ، لا يبعد دفعها بتقييد الغير في إسماع أعلى الإخفات بالغير الذي يكون
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ : ٣٤١ / ١٧٣.
(٢) الكافي ٣ : ٣١٥ ـ ٣١٦ / ٢١ ، الوسائل ٦ : ٩٦ ، أبواب القراءة ، ب ٣٣ ، ح ٢.
(٣) التهذيب ٢ : ٢٩٠ / ١١٦٤.
(٤) تفسير القمي ٢ : ٢٩ ، الوسائل ٦ : ٩٨ ، أبواب القراءة ، ب ٣٣ ، ح ٦ ، ولم يرد فيهما : ( عالياً ).
(٥) تفسير العياشي ٢ : ٣٤١ ـ ٣٤٢ / ١٧٧ ، وفيه : « يسمع أذنيك » بدل : « تسمع أُذنيك ».
(٦) مجمع البحرين ٣ : ٢٥٣ جهر.