ولا يخفى عدم صراحتهما في الشمول لقراءة الأخيرتين بالتقريب السابق في عبارة سلّار (١) ، مضافاً إلى حكمه رحمهالله فيهما برجحان القراءة في الجهريّة إذا لم يسمع الهمهمة المختصّ ذلك بالأُوليين ، فيرجع أيضاً بالآخرة إلى ما ذكرناه من بقاء التخيير للمصلّي في الأخيرتين وإنْ كان التسبيح أفضل الفردين.
وأمّا ابن عمّه نجيب الدين يحيى بن سعيد الأصغر ، فقال في ( الجامع ) :
( ويخيّر في الثوالث والروابع بين الحمد والتسبيح ، وهما سواء ) (٢) .. إلى آخره.
ثمّ قال في صلاة الجماعة : ( ولا يقرأ المأموم في صلاة جهرٍ ، بل يصغي لها ، فإن لم يسمع أو سمع كالهمهمة أجزأه ، وجاز أنْ يقرأ ، وإنْ كان في صلاة إخفاتٍ سبّح مع نفسه وحمد الله ، وندب إلى قراءة الحمد في ما لا يجهر فيه ) (٣). انتهى.
ولا يخفى أنّ ظهوره في إرادة الأُوليين بقرينة الإصغاء للقراءة ومقابلته بالتسبيح في نفسه أرجح من شموله للأخيرتين ، مضافاً إلى قوّة احتمال أنْ يريد بقوله : ( وندب إلى قراءة الحمد ) إلى الرواية الدالّة على قراءة الحمد عيناً ، لا أنّها أحد الفردين.
وأما الفاضل العلّامة رحمهالله ، فقال في ( القواعد ) : ( ولا يقرأ خلف المرضي إلّا في الجهريّة مع عدم سماع الهمهمة ، والحمد في الإخفاتيّة ) (٤). انتهى.
وفي ( الإرشاد ) في قسم المكروه : ( والقراءة خلف المرضي ، إلّا إذا لم يسمع ولا همهمة فتستحبّ على رأيٍ ) (٥) انتهى.
ولا يخفى ظهور كلامه في الكتابين في إرادة القراءة في الأُوليين ؛ بقرينة تقييده الاستحباب بعدم سماع الهمهمة ، بل لا ظهور له في الأخيرتين ، فلا يطابق المنقول عنه في الكتابين.
والعجب من هؤلاء الفضلاء كيف غفلوا عن نقل كلامه في ( المختلف ) الصريح في التخيير بين القراءة والتسبيح في الأخيرتين من الإخفاتيّة. قال رحمهالله في ( المختلف ) بعد ذكر الأقوال في قراءة المأموم ، وبعض الأخبار الواردة فيها ما لفظه :
__________________
(١) انظر ص ٢٦٤ ٢٦٥.
(٢) الجامع للشرائع : ٧٤ ، بتفاوتٍ يسيرٍ.
(٣) الجامع للشرائع : ٩٩ ـ ١٠٠.
(٤) قواعد الأحكام ١ : ٤٧.
(٥) إرشاد الأذهان ١ : ٢٧٢.