كما في قوله تعالى ( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ) (١) ، وكما في أحد الوجوه في قوله تعالى ( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) (٢) أي : الصلاة ، تسمية للشيء ببعض أجزائه ، يعني : صلاة الليل ، ثمّ نسخ بالصلوات الخمس ، إلّا إنّ عدم العثور على تفسيره بها هنا في شيء من الآثار يوجب الوقوف ، بل العثار.
٣١ ـ ومنها : ما رواه ثقة الإسلام عن أبي هارون ، عن الصادق عليهالسلام ، قال : قال لي : « كتموا بسم الله الرّحمن الرّحيم ، فنعم والله الأسماء كتموها ، كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا دخل إلى منزله واجتمعت عليه قريش يجهر ببسم الله الرّحمن الرّحيم ، ويرفع بها صوته ، فتولّى قريش فراراً .. » (٣) الحديث.
أقول : لا يخفى على أُولي الحلوم ما دلَّ عليه من الحثّ العظيم على الجهر بها على جهة العموم.
والتقريب فيه : أنّ المراد بكتمانها : إخفاؤها ، وعدم الجهر بها ؛ بدليل مقابلته بالجهر ، حيث إنّه عليهالسلام رَدَّ على مَنْ يخفت بها في الصلاة بعموم فعل النبيّ صلىاللهعليهوآله واستمراره على الجهر بها في الصلاة وغيرها ، من باب الاستدلال بالعامِّ على الخاصّ ، ولات حين مناص.
٣٢ ومنها : ما رواه شيخ الطائفة عطّر الله مرقده في ( التهذيب ) حسناً عن زكريا بن إدريس القمّي ، قال : سألت أبا الحسن الأوّل عليهالسلام عن الرجل يصلّي بقوم يكرهون الجهر ببسم الله الرّحمن الرّحيم ، فقال : « لا يجهر » (٤).
أقول : وجه الاستدلال أنّ الإمام عليهالسلام إنّما خصّ نفي الجهر بحال التقيّة حقناً لدمه ودم أصحابه من الفئة البغية ، وأمّا حال الاختيار فحكمه هو الإجهار. والاستدلال بالمنهي عنه في بعض الأحوال على ثبوت الأمر به مطلقاً غير غريب عند أديب أريب ، ألا ترى أنّ الفقهاء استدلّوا على وجوب الصلاة على أموات المسلمين
__________________
(١) الإسراء : ٧٨.
(٢) المزّمّل : ٢٠.
(٣) الكافي ٨ : ٢٢١ / ٣٨٧ ، الوسائل ٦ : ٧٤ ـ ٧٥ ، أبواب القراءة ، ب ٢١ ، ح ٢.
(٤) التهذيب ٢ : ٦٨ / ٢٤٨ ، الوسائل ٦ : ٦٠ ـ ٦١ ، أبواب القراءة ، ب ١٢ ، ح ١.