وورد أنّ بعثه صلىاللهعليهوآله بعد الأربعين (١) ، مع أنّه كان نبيّاً وآدم بين الماء والطين (٢) ، إشارةً لكماله في الوجود العياني بحسب القابل الزماني.
وهو أيضاً من جملة أسرار تسمية آدم بآدم ؛ لأنّ كمال الآدَمِيّة أي : القوّة الناطقة الإنسانية يكون بعد كمال الأربعين ، لأنّ عدد حروف اسمه عليهالسلام يكونُ خمسةً وأربعين ، لحسابِ الألف بواحدٍ بحساب الكتابة دون اللفظ ؛ لأنّ المدار في الحساب على الكتابة دونه ، كما هو معروف عند ذوي الألباب.
وإنّما ابتدأ اسمه بالألف لأنّه شكلُ العقل ، وأتى بعده بالدّال لقُربه من شكل الرّوح ، وهو اللام ، هكذا ( ل ). فتكونُ الخمسةُ السابقة على الأربعين إشارةً إلى أوّل فردٍ بعد تحقّق العقل والرّوح من أفراد الاستعداد لظهور ذلك الازدياد ، وبكمال الخمسة يظهر أثرُ ذلك الاستمداد وتحقّق الاستعداد للازدياد.
ولهذا قيل : إنّه السنّ الذي بُعِثَ على رأسه الأنبياء ، فيظهر أثر ما يفرّق بينهم وبين سيّد الأنبياء والأولياء.
وإنّما قيّدنا أوّليّته الفرديّة بالبعديّة لدفعِ ما يتوهّم من سبق الخمسة بفردين ، وهما الواحد والثلاثة ، واللهُ العالم.
هذا .. وفي كلامِ بعضِ محقّقي المتأخّرين : ( إنّ العقلَ التكليفي يتمُّ عند البلوغ ويقوى إلى ثماني عشرة سنة ، ويشتدّ عند ثلاثين سنة ، أو ثلاثة وثلاثين سنة ، ويكمل عند الأربعين ).
وهو ممّا يساعده الاعتبار وظواهرُ بعضِ الأخبار ، كما في خبر أبي بصير ، عن الصادق عليهالسلام : « إذا بلغَ [ العبد (٣) ] ثلاثاً وثلاثينَ سنةً فقد بلغ أشدّه ، وإذا بلغَ أربعينَ سنةً فقد بلغَ وانتهى مُنتهاه ، وإذا طَعَنَ في أحد وأربعين بلغَ في النّقصانِ ، وينبغِي لصاحبِ الخمسين أنْ يكونَ
__________________
(١) البحار ٢٢ : ٥٠٣ / ١.
(٢) مناقب آل أبي طالب ١ : ٢٦٦ ، غوالي اللئلئ ٤ : ١٢١ / ٢٠٠ ، البحار ٩٨ : ١٥٥ / بيان.
(٣) نسخة « ب » والمصدر.