مسألة في الشفاعة (*)
ثم قال ـ شدّ الله عليه نطاق الجلال ـ : ( ثم ما يقول مولانا الجليل ، هداه اللهُ واضح السبيل ، شفاعةُ نبيّنا محمَّد صلىاللهعليهوآله التي لا إشكال فيها ولا شكّ يعتريها ، نطق بها الكتابُ وتواترت بها السنّةُ عن المعصومين الأطياب ، وانعقد عليها الإجماع (١) من المسلمين ، لِمَن إذا كانت ذنوبُ تاركي الكبائر مكفّرة ، ومرتكب الكبائر غير مرتضىً ، والله عزوجل يقول : ( وَلا يَشْفَعُونَ إِلّا لِمَنِ ارْتَضى ) (٢) ، و «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» (٣) ، كما ورد عنهم عليهمالسلام ، فأمّا التائبون فإنّ الله يقول : ( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) (٤)؟ ).
أقول ـ ومنه سبحانه التوفيق لنيل المأمول ـ : تضمّن السؤال الشريف الاستدلال على شفاعة النبيّ المفضال ، ويلزم منه أيضاً اعتقاد ثبوت الشفاعة للآل وإنْ لم يصرّح به في المقال ، فلا حاجة لبسط المقال في هذا المجال ؛ إذ لم يخالف في ثبوت الشفاعة في الجملة أحد من المسلمين وإنْ خالف الوعيديّة (٥) وهم المجمعون على امتناع العفو سمعاً والمختلفون في جوازه عقلاً (٦) في محلّها وخصوصه أو
__________________
(*) وردت هذه المسألة ضمن مجموعة مسائل الشيخ محمد البحراني ، وزّعناها على محالِّها من الكتاب ، وهي : الثالثة ، الحادية والعشرون ، الثانية والعشرون ، الحادية والثلاثون ، بحسب ترتيب الكتاب.
(١) كشف المراد : ٤١٦ ، شرح المقاصد ٥ : ١٥٧.
(٢) الأنبياء : ٢٨.
(٣) الكافي ٢ : ٤٣٥ / ١٠ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٧٤ / ٣٤٧ ، الوسائل ١٦ : ٧٥ ، أبواب جهاد النفس ، ب ٨٦ ، ح ١٤.
(٤) التوبة : ٩١.
(٥) الوعيديّة : فرقة من المعتزلة. انظر الملل والنحل ١ : ١٩٣.
(٦) مناهج اليقين في أُصول الدين : ٥١٩.