الجليل.
قال ـ سلّمه الله تعالى ـ : ( فأقولُ ولا حول ولا قوّة إلّا بالله ـ : لا كلام في ثبوت الإيمان لمنتحل الولاية وإنْ أصرّ على الصغائر أو ارتكب الكبائر بعد ورود تفاوت دُرج الإيمان ، وثبوت أنّها ثمان ، إنّما الكلامُ في ثبوت الشفاعة لهذين الصنفين ، وتخصيصهما من البين ، وما ذكرتموه من الدليل لا يساعد على هذا القيل ).
أقول : إنّ ما ذكرناه في جواب إشكالكم في الشفاعة بانتفاء موضوعها باجتناب الكبائر ولو مع ارتكاب الصغائر ، وبأنّ : « التائب من الذنب كمن لا ذنب له » (١) ، بتقريب : أنّ المذنب إمّا مقتصر على الصغائر مجتنب للكبائر ، أو مرتكب للجميع لكنه تاب عن الجميع ، فأجبنا بأنّه حصرٌ غيرُ حاصر ؛ لعدم الانفصال الحقيقي المردّد بين النفي والإثبات كي يلزم الانحصار.
واستدللنا عليه بما ذكرناه في أصل الجواب من الدليل الواضح السبيل وإنْ اقتصرنا على القليل ، مع أنّ اعترافكم بأنّه ( لا كلام في ثبوت الإيمان لمنتحل الولاية وإنْ أصرّ على الصغائر أو ارتكب الكبائر ) مما يشهد بمساعدة الدليل.
وليس يصحّ في الأذهان شيءٌ |
|
إذا احتاج النهارُ إلى دليل |
واللهُ يقول الحق وهو يهدي السبيل.
قال سلّمه الله تعالى ـ : ( وتفسير الآية (٢) الشريفة بمَنْ ارتضى دينه لا يستلزم أنّ المصرّ والمرتكب مرتضىً ؛ لنفي ما استدللتم به الإيمان عنهما ، وشهادته بأنّ المرتكب غير مرتضىً ؛ لقوله عليهالسلام : « فَمَنْ لم يندمْ على ذنبٍ يرتكبه فليس بمؤمن » (٣) ).
أقولُ : لعلّ كلامه سلّمه الله تعالى ناشٍ من الاستعجال المانع من مراجعة ما
__________________
(١) الكافي ٢ : ٤٣٥ / ١٠ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٧٤ / ٣٤٧ ، الوسائل ١٦ : ٧٥ ، أبواب جهاد النفس ، ب ٨٦ ، ح ١٤.
(٢) قوله تعالى ( لا يَشْفَعُونَ إِلّا لِمَنِ ارْتَضى ) الأنبياء : ٢٨.
(٣) التوحيد : ٤٠٨ / ٦ ، البحار ٨ : ٣٥١ / ١.