لفقد ما يعارضه من الغلبة الفرديّة أو الصنفيّة كما لا يخفى.
وأمّا ما يقال : أيضا في الاستدلال بأنّه قد نصّ أهل اللغة بأنّه لا فرق بين « افعل » و « يفعل » إلاّ كون الأوّل إنشاء والثاني خبرا.
ومن البيّن صدق الثاني مع كلّ من الوحدة والتكرار فيكون للأعمّ فكذلك الأوّل ، وإلاّ لثبت بينهما فرق آخر ، فهو متّضح الوهن بمنع ثبوت النقل أوّلا ، ومنع اعتباره ثانيا ، بعد ظهور خلافه الّذي يدّعيه أصحاب القولين ، ومنع كون « يفعل » للأعمّ على حدّ الاشتراك المعنوي ، لجواز كون الصدق مع كلّ من المعنيين من جهة الاشتراك اللفظي ثالثا ، ومنع منافاة الصدق مع كلّ منها لاختصاص الوضع بأحدهما لجواز كونه في أحد الجانبين صدقا مجازيّا والمخالف لا ينكره جزما رابعا.
وربّما يستدلّ عليه أيضا : بعدم فهم التناقض عرفا من كثرة الأوامر من المولى إذا أمكن إيجاد كلّ مرّة ، وعلى بطلان التكرار خاصّة بقبح العقاب من المولى على تركه معلّلا : « بأنّي أمرتك » والأوّل محلّ تأمّل والثاني وجيه.
واستدلّ عليه أيضا : بحسن الاستفهام ، وفساده في غاية الوضوح ، فإنّه على القول بالاشتراك أوضح تقريبا ، كما أنّه لا ينافي اختصاص الوضع بالمرّة أو التكرار لأنّه قضيّة يؤتى بها في مظانّ الاحتمال ولو مرجوحا.
واستدلّ عليه العلاّمة في التهذيب : باستلزام كون كلّ عبادة ناسخة لما تقدّمهما ، التفاتا إلى اقتضاء التكرار استيعاب الأوقات ، وهو مع تعدّد العبادات وورودها متعاقبة غير ممكن ، فلا جرم يكون اللاحق ناسخا للسابق وهو باطل ، للعلم الضروري بعدم اعتبار الحجّ نسخا للصلاة ، ولا غسل اليد لغسل الوجه ، ولا الصلاة للوضوء.
وأورد عليه تارة ـ كما في المنية ـ : بأنّه لا يوجب المطلوب ، لجواز الوضع للمرّة خاصّة فيكون أعمّ.
واخرى : بما حكاه بعض الأجلّة (١) من أنّ جعل الأمر بالعبادة الثانية قرينة على عدم إرادة التكرار أولى من جعلها ناسخة.
وثالثة : بما في كلام بعض الفضلاء من أنّ القائل بالتكرار إنّما يقول به إذا تمكّن المكلّف منه عقلا أو شرعا كما عزاه [ إلى ] بعضهم ، وهو الظاهر من إطلاق الإمكان الّذي اعتبر في
__________________
(١) صاحب الكواكب الضيائيّة. ( منه ).