وحينئذ فتجب المسارعة إلى فعل المأمور به *.
__________________
نعم يمتنع المسارعة إلى أداء فعل الغير ولا قاضي بأدائه في المقام ، وحينئذ يكون المسارعة إليه حاصلة بالمسارعة إلى أسباب شموله من غير أن يراد بالمغفرة سببها ، بل من جهة كون المقدور بالواسطة مقدورا للمكلّف.
فظهر بذلك أنّ الوجه المذكور ظاهر فيما هو المدّعى من غير التزام التجوّز في المغفرة.
وملخّص هذا : أنّ فعل الغير إذا كان له جهة تعلّق بغيره بأن يكون من الأفعال المتعدّية إلى الغير ـ كالأمثلة المذكورة ـ فالمسارعة إليه من تلك الجهة ممكنة ، وإن لم يمكن المسارعة إليه من جهة صدوره عنه ، فلا حاجة حينئذ إلى ارتكاب خلاف ظاهر في الآية.
وأنت خبير بأنّ أقصى ما يلزم من ذلك إنّما هو فساد العلّة المذكورة للتجوّز وأمّا أصل التجوّز فلا مناص عنه في المقام ، ضرورة أنّ المغفرة لا يمكن الوصول إليها إلاّ بأسبابها وفعل المأمور من جملة أسبابها ، فلابدّ من حمل المسارعة إليها على المسارعة إلى أسبابها.
غاية الأمر أنّ القرينة العقليّة تنقلب إلى القرينة الشرعيّة وهو ما يقضي من الشرع بأنّ المغفرة لا يستحقّها المكلّف إلاّ بأسبابها ، ومجرّد كون المقدور بالواسطة مقدورا له لا يمنع عن ارتكاب خلاف الظاهر ، كيف ولو لا ذلك لفسد الاستدلال رأسا ، ولا ينطبق الدليل على مطلوب المستدلّ لأنّه في صدد إثبات الوجوب الأصلي للفور كما هو المتنازع ، ووجوب المسارعة إلى فعل المأمور به على الوجه المذكور مقدّمي فيكون تبعيّا ، إلاّ أن يقال : إنّ المقدّمة إذا كانت من قبيل الأسباب فالأمر بالمسبّب أمر بها فيكون المستفاد أصليّا وإن كانت الاستفادة تبعيّة ، ويبقى الكلام حينئذ في خلوص ذلك عن التجوّز أو خلاف ظاهر آخر.
وبالجملة ارتكاب ما ذكر من خلاف الظاهر في الآية أقرب في نظر العرف في أمثال المقام ، فلا ينبغي منعه.
نعم فيه المناقشة بعد انحصار ذلك في التزام التجوّز ، لإمكان الإضمار حسبما قرّرناه في تقرير الاستدلال ، إلاّ أنّ الخطب في ذلك سهل.
* قد يتوهّم في المقام ابتناء الاستدلال بالآية على القول بالإحباط والتكفير ، وتفسير الأوّل بإبطال السيّئآت الحسنات بسبب ثمراتها الاخرويّة دون آثارها الدنيويّة من القضاء وغيره ، والثاني بإبطال الحسنات السيّئات ، ويقال : بأنّ ذلك مسألة خلافيّة والأقوال فيها ثلاثة :
أحدها : ما ذهب إليه العامّة من الحبط والتكفير مطلقا ، وقد ينسب إلى بعض أصحابنا