يوجب استمرار الأمر. وللثاني : بأنّ قوله : إفعل يجري مجرى قوله : إفعل في الآن الثاني من الأمر * ، ولو صرّح بذلك ، لما وجب الإتيان به فيما بعد. هكذا نقل المحقّق والعلاّمة الاحتجاج ، ولم يرجّحا شيئا.
__________________
ويمكن دفعه : بأنّ المراد بالإطلاق ما يقابل التقييد بالفور الّذي يدّعيه أصحاب القول الثاني ، تعليلا بظهور الأمر في التقييد القاضي بارتفاع الحكم عند ارتفاع القيد كما هو من مقتضى القاعدة.
فصار حاصل الاستدلال ـ بناء على هذا التوجيه ـ : أنّ الأمر وإنّ دلّ على وجوب الفور ولكنّه لا يوجب خروج المأمور عن إطلاقه بحيث لم يكن له الإتيان بالمأمور به فيما بعد زمان الفور ، وذلك لأنّه لا يقتضي كون المأمور به مقيّدا بزمان الفور حتّى يلزم منه فواته بفوات الفور ، وإنّما يقتضي وجوب الفعل مع وجوب المبادرة إليه ، فإذا انتفى الثاني بقى الأوّل في كونه مطلوبا باقتضاء أصل الأمر.
نعم يمكن المناقشة فيه بكونه من باب المصادرة على المطلوب ، إلاّ أن يرجع قوله : « باقتضاء الأمر لإطلاق كون المأمور فاعلا » إلى دعوى تبادر الإطلاق من الأمر وليس ببعيد.
* ولا يخفى كون ذلك مصادرة ، إذ كون « افعل » جاريا مجرى « افعل في الآن الثاني » أوّل الكلام بل عين المتنازع فيه ، مع أنّ كونه من هذا الباب لا يقضي بالمطلوب لمنع الحكم في المثال ، بدعوى : كون الآن الثاني المصرّح به في العبارة مطلوبا برأسه للآمر لا قيدا للمأمور به حتّى لا يجب الإتيان به فيما بعده.
وبما قرّرنا مع ملاحظة ما قدّمنا تحقيقه من كون النزاع في وضع الصيغة يظهر ما هو منشأ للخلاف وهو الاشتباه في جهة جزئيّة الفور لما وضع له الصيغة على تقدير كونه جزءا كما يدّعيه القائل بالفور ، لجواز كون جزئيّته بعنوان كونه ممّا أخذه الواضع قيدا للطلب المأخوذ فيه أو للمطلوب المستلزم لئلاّ يتحقّق في المقام إلاّ طلب واحد مقيّد أو طلب واحد متعلّق بشيء مقيّد.
والفرق بين الوجهين اعتباري والمعنى واحد.
أو كونها بعنوان أنّه مطلوب آخر مستقلّ في حدّ نفسه مستلزم لأن يكون هناك طلبان متعلّق أحدهما بأصل الفعل الملحوظ مطلقا والآخر بإيجاده فورا ، بدعوى : وضع الصيغة