ومن اعتمد على الأخيرة ، فله أن يقول بوجوب الإتيان بالفعل في الثاني ؛ لأنّ الأمر اقتضى بإطلاقه وجوب الإتيان بالمأمور به في أيّ وقت كان * ، وإيجاب المسارعة والاستباق لم يصيّره موقّتا ** وإنّما اقتضى وجوب المبادرة ، فحيث يعصي المكلّف بمخالفته ، يبقى مفاد الأمر الأوّل بحاله. هذا.
والّذي يظهر من مساق كلامهم : إرادة المعنى الأوّل ؛ فينبغي حينئذ القول بسقوط الوجوب.
__________________
الأمر كالموقّت ، وإنّما يتمّ ذلك لو دلّ الصيغة على كونه جزءا من المدلول بعنوان القيديّة ، وهو على القول بالفور ولو بدلالة الصيغة عليه قابل للإنكار ، فالاعتماد في الاستدلال على الصنف الأوّل من الأدلّة لا يستلزم القول بسقوط الوجوب حيث يمضي أوّل أوقات الإمكان.
وربّما يجاب عنه (١) أيضا بمنع صيرورته كالموقّت ، تعليلا بإمكان أن يقال : إنّه على تقدير دلالة الصيغة على الفور ليس نصّا في طلب خصوصيّة الزمان الأوّل ، بل ربّما كان المقصود تعجيل حصول المأمور به ، فإن فات في الزمان الأوّل بقي حكم التعجيل في الزمان الثاني وهكذا ، بخلاف الموقّت بالوقت المعيّن فإنّه نصّ في كون الزمان المعيّن مطلوبا فيفترقان.
والفرق بين هذا الوجه وما ذكرناه مع ما ذكره المصنّف هو الفرق بين الأقوال الثلاث في معنى الفور الّتي أشرنا إليها في أوائل المبحث.
* ولقائل أن يقول : بأنّ الأمر بعد ملاحظة ما يقضي من الخارج بإيجاب الفور والاستباق يسقط عن إطلاقه ، لصيرورته حينئذ كالمطلق المتعقّب بذكر ما يوجب تقييده بفهم العرف ، كما تقدّم ذكره.
والإطلاق الابتدائي بعد لحوق ما يصلح مقيّدا له غير كاف في المقام لصيرورته حينئذ مشكوكا فيه ، ومعه لا إطلاق يتمسّك به في المقام.
غاية ما يسلّم فيه قصور ذلك الخارج عن إفادة التقييد ، وأمّا مصادمته للإطلاق ممّا [ لا ] سبيل إلى إنكاره.
** واعترض عليه : بأنّ طلب الفوريّة والسرعة إن لم يكن يقتضي خصوصيّة الزمان
__________________
(١) المجيب المحقّق السلطان ( منه ).