الاعتقاد بعدم القدرة عليه في بعض تلك الأجزاء عدم الرخصة في التأخير من باب حرمة الإقدام على المعصية والخروج عن الطاعة ، فإذا انكشف بقاء القدرة بظهور فساد الاعتقاد بقي الوقت الواقعي على حكمه المجعول له ، وهو وجوب الإتيان بالفعل فيه.
لا يقال : إذا اتّصف المكلّف في بعض أجزاء الوقت المضروب بعدم القدرة على الفعل ارتفع عنه التكليف ، ضرورة اشتراطه على القدرة ومعه لا معنى لبقاء الوجوب والأمر ، وإلاّ لزم التكليف بغير المقدور وأنّه ضروريّ الفساد.
لأنّ اعتقاد عدم القدرة لا يوجب سلب القدرة في الواقع ، ومناط التكليف إنّما هو القدرة الواقعيّة وهي حاصلة في المقام بعد كشف الفساد.
غاية الأمر أنّ الاعتقاد بعدم القدرة أوجب حكما بعدم جواز التأخير من حينه في مرحلة الظاهر ، فإذا انكشف فساده ظهر عدم مصادفة الظاهر للواقع وهو لا يوجب ارتفاع الواقع ، ضرورة عدم تبدّل الأحكام الواقعيّة بتبدّل الأحكام الظاهريّة ، وعدم إناطة التكليف الواقعي بالعلم والجهل على مذهب العدليّة ، كما هو الشأن في سائر الأحكام الظاهريّة إذا ظهر خلافها في الواقع.
ألا ترى إنّ المكلّف إذا اعتقد بنجاسة ثوبه ، أو عدم كونه متطهّرا ، أو كونه محدثا بالأكبر ، أو مغصوبيّة داره ، أو خمريّة مائع عنده ، أو أجنبيّة زوجه لم يجز له الدخول في الصلاة ، ولا الجواز في المسجدين ، أو اللبث في المساجد ، ولا التصرّف ولا الشرب والاستعمال ولا الوطء والاستمتاع ما دام معتقدا ، فإذا تبيّن فساد ذلك الاعتقاد بقي الجواز في الجميع إجماعا.
وبما قرّرنا تبيّن ضعف حجّة على كونه قضاء بتعيين ذلك الوقت للفعل عند حصول الظنّ المفروض ، وعدم جواز التأخير عنه فلا توسعة في الوجوب بالنسبة إلى ما بعد ذلك فإذا أخّر عنه كان قضاء ، إذ ليس مفاده إلاّ إيقاع الفعل خارجا عن الوقت المعيّن له شرعا.
ووهنه في غاية الوضوح ، فإنّ مجرّد تضيّق الوجوب بالعارض لمجرّد الظنّ الفاسد لا يوجب خروج الوقت المضروب شرعا عن كونه وقتا ، ولا سيّما بعد ظهور خطئه في ظنّه ، مع إطلاق ما دلّ على كونه وقتا والأصل عدم التقييد ، وكون ذلك الظنّ موجبا له أوّل المسألة ، بل مع مطابقته للواقع لا يفسد التوقيت.
غاية الأمر أنّه لا يقدر على الامتثال وهو أمر آخر لا يوجب خروج الوقت الموظّف