المأمور بها في أيّ جزء من تلك الأجزاء اتّفق ، ولا يعنى من توسعة الوقت إلاّ هذا.
وقضيّة ذلك أن يلاحظ في كلّ وقت أراد المكلّف أداءها فيه ما يساعد عليه الحالة العارضة له في ذلك الجزء من الوقت ، سواء كانت حالة اختيار أو حالة اضطرار ، حالة سفر أو حالة حضر ، والعلم أو الظنّ بتبدّل حالة إلى اخرى في جزء منها لا يوجبان خروج هذا الجزء من مفهوم التوسعة المدلول عليها بالنصّ أو الإطلاق ، وإلاّ لكان تقييدا بلا دليل.
فالقول بأنّ المختار أوّل الوقت لا يسوغ له التأخير إلى ما يطرأه حالة اضطرار فيه من أجزاء الوقت مخالف للقاعدة ، فلا بدّ له من دليل يعتمد عليه ، كما أنّ وجوب التأخير على ذوي الأعذار مع رجاء زوال العذر إلى ما يزول فيه العذر دعوى لا شاهد عليها ، ولو فرض هناك دليل على كلا الدعويين فهو خارج عن محطّ النظر ، لأنّ نظر الأصولي إنّما يتعلّق بما يقتضيه القواعد الاصوليّة لا ما يساعد عليه الأدلّة الخاصّة ، فإنّ لإعمالها محلا آخر لا يرتبط بفنّ الاصول.
فتحقيق المقام أن يساق الكلام في ذلك المرام إلى النظر في أنّ الخصوصيّات المختلفة بالقياس إلى حالتي الاختيار والاضطرار الحاصلة عن شتات أحوال المكلّف هل هي أفراد حقيقيّة للماهيّة المجعولة المأمور بها بدعوى : أنّ ما جعلها الشارع من الماهيّة هو القدر الجامع بين تلك الخصوصيّات القابل لأن يطرأه كلّ واحدة منها على سبيل البدليّة ويتعاور عليه كلّ على طريق التناوب.
أو كلّ واحدة منها ماهيّة على حدة جعلها الشارع لمن يناسبها حاله من شتات المكلّفين ، حتّى أنّه جعل هناك ماهيّات متعدّدة على حسب تعدّد أحوال المكلّف وتشتّتها ، فلجامع جميع جهات الاختيار ماهيّة ، ولفاقد الطهارة المائيّة ماهيّة ، ولفاقد الطهارة الخبثيّة ماهيّة ، ولمن لا يقدر على الصيام ماهيّة ، ولمن يعجز عن القراءة ماهيّة ، وللمزمن ماهيّة ، وللمحبوس ماهيّة ، وللغرقى ماهيّة ، وللحرقى ماهيّة وهكذا إلى ما لا يحصى.
أو أنّ ما جعلها الشارع ليست إلاّ ماهيّة واحدة وهي جامعة لجميع جهات الاختيار ، وأنّ ما عداها من الاضطراريّات ليست من المجعولة في شيء لا فردا ولا عينا ، وإنّما هي امور خارجة نزّلها الشارع في مقام الامتثال منزلة مجعوله الّذي يتعلّق به الأمر ، واكتفى به عنه في غير حالة الاختيار فتكون مسقطة عن المأمور به لا نفسه.
أو أنّها وإن كانت خارجة عن الحقيقة إلاّ أنّها مرادة من الأمر بها مجازا من باب الإطلاق على عموم المجاز.