عن جميع المعارضات ، وجريان قاعدة الاشتغال قبل الاشتغال غير معقول.
وثالثها : قال بعض الأفاضل : لو أتى بما يرفع التمكّن من الفعل ، فإن كان ذلك قبل دخول الوقت وتعلّق الوجوب بالمكلّف فيما يكون الوقت شرطا للوجوب فالظاهر أنّه ممّا لا مانع منه في المضيّق والموسّع ، وإن كان بعد دخول وقت الموسّع فإن كان مانعا من الإتيان به فالظاهر أنّه في حكم تعمّد الترك.
والظاهر أنّه لا فرق بين ما إذا كان متمكّنا من الفعل حين الإتيان بذلك المانع أو غير متمكّن منه بجهة اخرى إذا لم يكن مانعا فيه في جميع الوقت علما أو ظنّا. ولو علم ببقائه فلا مانع من تعرّضه للآخر ، وكذا الحال لو أتى بذلك قبل دخول الوقت فيما لا يكون الوقت شرطا في وجوبه إذا علم كونه مانعا في جميع الوقت ، ولو شكّ في ارتفاع المانع الحاصل قوي المنع من التعرّض لمانع آخر يمنع من الفعل مطلقا علما أو ظنّا ، ولو ظنّ معه بالمنع ففيه وجهان ، ولو كان شاكّا في كون ما يقدم عليه مانعا من الإتيان بالواجب في جميع الوقت ففي جواز الإقدام عليه وجهان ، وذلك كما إذا أراد النوم بعد دخول الوقت وكان شاكّا في تيقّظه قبل انقضاء الوقت ، وأمّا إذا كان ظانّا بالانتباه فلا يبعد الجواز ، وحينئذ فإن اتّفق استمراره على النوم لم يكن عاصيا.
ورابعها : لو كان سلب الاختيار بالنسبة إلى العبادة الاختياريّة من جانبه ، كما إذا كان له ماء فأتلفه مع العلم أو الظنّ بأنّ تحصيله في الوقت على وجه يسعه زمان الاستعمال والإتيان بالعبادة غير ممكن ، فإن كان ذلك قبل دخول الوقت فلا بأس به جزما ، وإن كان بعده ففيه وجهان : من أصالة الإباحة وكون الترك مقدّمة للاتيان بالفرد الاختياري الّذي ينصرف إليه الإطلاق ، ومثله ما لو كان متطهّرا ونقضها اختيارا مع العلم أو الظنّ بعدم إمكان التحصيل ، ويرشد إلى أوّل الوجهين قيام الفتوى بجواز ارتكاب الجنابة في الوقت أو قبله مع العلم بعدم إمكان تحصيل الطهارة المائيّة في الوقت ، ولعلّه لدليل خاص وإلاّ فلا يساعد إطلاقه القواعد المقرّرة الشرعيّة كما لا يخفى.
ثمّ اعلم أنّ القوم كانت عادتهم جارية على إيراد ما أوردناه من الفوائد هنا في بحث الواجب الموسّع ، وإنّما خالفناهم بإيرادها في ذيل مبحث الفور لاشتراك الواجب المطلق ـ الّذي هو مفاد الأمر المطلق ـ مع الواجب الموسّع فيما يلحقه من الأحكام المذكورة كما عرفت ، فلم يكن ما فعلناه خاليا عن وجه مناسبة كما لا يخفى.