الكافر بالإيمان على ظاهره ، وإنّما هو نظير الأوامر الامتحانيّة الّتي احتجّت الأشاعرة بها أيضا على مطلوبهم وستعرف ضعفه ، مضافا إلى فساد أصل الدعوى لمنافاته الإجماع والضرورة وبداهة العقل.
وعليه ـ بناء على صحّة الدعوى ـ لا يتمّ الاستدلال لجواز كون الإرادة المنتفية هاهنا ـ على ما اعترفوا به ـ نفس الطلب الّذي يقطع بانتفائه أيضا ، فلا يثبت التغاير لعدم دلالة للأعمّ على الأخصّ كما لا يخفى.
هذا كلّه على ما في النهاية من تتميم الاستدلال باستحالة تعلّق الإرادة بالمستحيل.
وأمّا على ما في التهذيب من تتميمه بلزوم التكليف بالمحال لو أراد منه الفعل فاجيب عنه ـ على ما حكاه الفاضل المتقدّم ذكره ـ : بالمنع من عدم جواز التكليف بهذا المحال نظرا إلى تجويزهم.
وأنت خبير بوهن ذلك ، لابتنائه على ما تقدّم ذكره من كون الامتناع بالاختيار ممّا لا ينافي الاختيار ، وهذه القضيّة في مقام التكاليف وإن كانت مختلف فيها ـ على ما يأتي في محلّه من الأقوال ـ ولكنّ الراجح عندنا منافاته خطابا وعقابا ، عملا بما يقتضيه القوّة العاقلة من امتناع كلا الأمرين عن الحكيم العدل لاستلزامهما ما يستلزمه التكليف مع الامتناع الاضطراري من القبح والاستقباح من غير فرق كما لا يخفى.
نعم لا مضائقة عن العقاب في فرض المقام على إيجاد سبب الامتناع المفضي إلى فوات التكليف لكونه اختياريّا من جميع الوجوه ، وهو الّذي يجوّزه العقول ، فالصواب من الجواب عن هذا التقرير أيضا ما قدّمناه من منع الصغرى ، وإلاّ فعلى فرض تسليمها لا يمكن منع الكبرى أصلا.
وقد يعترض على تقرير الاستدلال بذلك الوجه ـ مضافا إلى ما ذكر ـ بما في كلام الفاضل المشار إليه من الحكم بفساد ذلك التقرير ووهنه تعليلا : « بأنّ من البيّن أنّ الأشاعرة يجوّزون التكليف بالمحال بل يحكمون بوقوعه في أمثال ذلك ضرورة وقوع التكاليف المذكورة ، مضافا إلى ما فيه من التهافت من حيث إنّ المأخوذ في هذا الاحتجاج أوّلا هو ثبوت التكليف بالإيمان ودعوى الإجماع عليه ، فكيف يجعل التالي لزوم التكليف بالمحال ويحكم ببطلانه من جهة استحالة صدوره؟ ».
وفيه : أنّه اعتراض في غير محلّه ، لإمكان التوفيق بحمل ما يجوّزه الأشاعرة من التكليف