التعليقيّين مناطا لصدق الألفاظ المذكورة حقيقة مع الإطلاق والتجرّد عن القيود والقرائن ، فنقول : يكشف عن عدم ذلك صحّة سلب كلّ من الألفاظ عمّا يثبت له ذلك الأمر المعلّق ، فلو كان ذلك فردا من المعنى الحقيقي على الوجه المقرّر وكافيا في الصدق الحقيقي لما صحّ السلب جزما.
فإن قلت : لعلّ الصحّة نشأت عن ظهور تلك الألفاظ في المنجّز ظهورا إطلاقيّا فلا تنهض دليلا.
قلت : بل نشأت عن ظهورها الوضعي ، للقطع بأنّ النفي إنّما يرجع إلى الطبيعة دون العوارض واللواحق الاعتباريّة ، فلذا لا يصحّ سلب « الإنسان » عن ذي رأسين مع أنّه في ظهوره في ذي رأس واحد بمثابة لا يقابله عديل من الألفاظ كما لا يخفى.
فإن قلت : أقصى ما يترتّب على ذلك مجازيّة تلك الألفاظ في غير المنجّز.
وأمّا الصيغة فأيّ وجه دعاك إلى الحكم بالمجازيّة فيها أيضا؟
قلت : دعانا إلى ذلك ما تقدّم إليه الإشارة إجمالا ، وتوضيحه : أنّ الواجب كما يصدق على ما تعلّق به مدلول تلك الألفاظ صدقا حقيقيّا فكذلك يصدق على ما تعلّق به مدلول الصيغة صدقا حقيقيّا.
ومن البيّن وضوح الفرق بين قولنا : « افعل كذا » وقولنا : « افعل كذا على تقدير كذا » فلذا يصحّ على الثاني أن يقال : ما لم يتحقّق التقدير أنّه ليس بواجب ولا بلازم بخلافه على الأوّل ، فلو لا مدلول الصيغة حقيقة هو الوجوب المطلق المنجّز خاصّة لما كان لذلك الفرق الواضح وجه ، ولا فرق فيما ذكر بين صدور الخطاب عن العالم بالعواقب أو غيره لكون العبرة بتنجّز الوجوب وتعلّقه.
غاية ما هنالك انّ الأوّل يعلم حين الخطاب أنّه يتنجّز أو لا يتنجّز لعلمه بعاقبة الأمر من جهة تحقّق التقدير وعدمه بخلاف الثاني ، وهو لا يوجب الفرق بينهما فيما ذكر من صحّة السلب كما لا يخفى.
نعم ربّما لا يصحّ السلب لو كان المقدّر زمانا من الأزمنة المستقبلة ، واخذ ذلك الزمان ظرفا للمطلوب لا قيدا للطلب ، حتّى يكون المراد من اللفظ الطلب فعلا لإيقاع الفعل مستقبلا ، ومثله ما لو كان المعلّق عليه أمرا غير زماني كقدوم الحاجّ مع العلم بتحقّقه مستقبلا ، وأخذه باعتبار زمان تحقّقه ظرفا للمطلوب بحيث كان الطلب فعليّا ، فحينئذ