ومفروض المسألة من هذا الباب ، لأنّ الكلام في كون الإيمان من شرائط صحّة الفعل وهو منتف.
وثانيها : أنّه لو كلّف بالعبادات لوجب قضاؤها ، والتالي باطل بالإجماع فكذا المقدّم.
والجواب أوّلا : النقض بصلاتي الجمعة والعيدين.
وثانيا : بمنع الملازمة ، فإنّ القضاء ـ بناءا على التحقيق ـ إنّما هو بالفرض الجديد فلذا ترى ما فيه من الاختلاف والتخلّف ، فقد يثبت مع عدم ثبوت التكليف كما في صلاة النائم وصوم الحائض ، وقد لا يثبت مع ثبوت التكليف كما في الجمعة والعيدين ، فتأمّل (١).
ولو فرض كونه بالأمر الأوّل أيضا لمنعت الملازمة بقيام الإجماع على سقوطه هنا ، كسقوطه فيما ذكر من المثالين ، فإنّ الله تبارك وتعالى من جهة خروجه عن حضيض الكفر بملازمة الإسلام الّذي هو الغاية الأصليّة يسقط عنه كلفة القضاء جريا على رحمته الربّانيّة ورأفته الصمدانيّة.
وثالثها : لو كان الكافر مكلّفا بالفروع فإمّا حال الكفر فيمتنع ، أو بعده فيسقط.
وجوابه : اختيار الشقّ الأوّل ودفع الإشكال أوّلا : بالنقض بتكليف العصاة بالفروع مع امتناعها في حال المعصية ، وتكليف المحدث بالجنابة ونحوها مع امتناعه في حال الحدث ، إذ لا فرق بينه وبين الثاني من حيث إنّ سبب الامتناع في كلّ منهما إنّما هو إيجاد المانع اختيارا ، ولا بينه وبين الأوّل إلاّ في أنّ السبب فيه إيجاد المانع وفي الأوّل البناء على المعصية وترك المأمور به اختيارا ، وقد تقدّم أنّه فرق لا يوجب فرقا في الحكم.
فإن قلت : بأنّ المانع هنا علمه تعالى بأنّه لا يؤمن فيمتنع الفروع لئلاّ ينقلب علمه تعالى جهلا فهو الفارق.
قلنا : إنّه بعينه موجود في العصاة لعلمه تعالى بأنّهم لا يطيعون.
فإن قلت : بأنّ التكليف هنا لو صحّ لكان عبثا وفعلا سفهيّا لعلمه تعالى بعدم الامتثال.
قلنا أوّلا : بالنقض بتكليفه بالإيمان مع علمه تعالى بعدم الامتثال.
وثانيا : بمثله ثمّة بلا فرق.
__________________
(١) وجهه : أنّ هذا المنع بالنسبة إلى الكافر في مواضع ثبوت القضاء لغيره غير وجيه لكفاية ما ورد فيه من العموم في إثبات القضاء في حقّه ، فإنّكم كما تتمسّكون في إثبات تكليفهم بالأداء بعمومات الأداء فتمسّكوا في إثبات تكليفهم بالقضاء أيضا بعمومات القضاء والفرق تحكّم. ( منه عفي عنه ).