نعم ربّما يستقيم هذه المقالة على بعض التقادير الّتي تقدّم الإشارة إليها عند ذكر الأقوال وإلاّ فعلى التقدير الآخر أيضا يكون بينهما من حيث القائل عموم من وجه لاجتماعهما في الأسباب والشروط معا ، وافتراقهما في الأسباب المحضة والشروط الصرفة ، فراجع وتأمّل واعرف كي تعرف أنّه شيء لا تعلّق له بما أوجب له ـ دام ظلّه ـ الوهم هنا.
وعلى أيّ حال كان فاحتجّ ابن الحاجب في مختصره ـ على ما حكاه بعض شارحيه في بيان المختصر ـ على كلا جزئي مدّعاه بما عبارته هكذا :
لنا : [ لو ] لم يجب الشرط لم يكن شرطا ، وفي غيره لو استلزم الواجب وجوبه لزم تعقّل الموجب ، ولم يكن تعلّق الوجوب لنفسه ، ولا ينبغي التصريح بغيره ، ولعصى بتركه ، ولصحّ قول الكعبي في نفي المباح ، ولوجبت نيّته ، انتهى.
وقرّر الأكثرون احتجاجه على وجوب الشرط بأنّه : لو لم يكن الشرط واجبا لخرج عن كونه شرطا ، والتالي باطل بفرض الشرطيّة.
أمّا الملازمة : فلأنّه لو لم يكن واجبا لجاز تركه ، وحينئذ فإذا تركه وأتى بالمشروط فإمّا أن يكون آتيا بتمام المأمور به أو ببعضه ، لا سبيل إلى الثاني إذ المفروض عدم وجوب شيء آخر عليه كما هو مفاد عدم وجوب الشرط ، فتعيّن الأوّل ، وعليه يلزم ما ذكر في التالي.
وقرّره بعض شرّاحه في كتابه الموسوم ببيان المختصر بأنّه : لو لم يكن الشرط واجبا لم يكن هو شرطا ، والتالي باطل لأنّه خلاف المفروض ، فيلزم بطلان المقدّم.
بيان الملازمة : أنّ الشرط إذا لم يكن واجبا جاز تركه ، فإذا تركه لا يخلو إمّا أن يكون الفعل حينئذ مأمورا به أو لا ، والتالي باطل وإلاّ يلزم أن يكون وجوب الشيء مقيّدا بوقت وجود الشرط وهو خلاف المفروض ، والأوّل لا يخلو إمّا أن يكون الفعل ممكن الحصول عند عدم الشرط أو لا ، والثاني باطل وإلاّ يلزم تكليف ما لا يطاق فيتحقّق الأوّل فلا يكون شرطا.
والجواب عن ذلك : منع لزوم التكليف بما لا يطاق على تقدير عدم إمكان حصول الفعل بدون الشرط ، فإنّه إنّما يلزم لو كلّف به بشرط عدم الشرط الّذي مفاده المنع عنه ، وهو ليس بلازم من عدم الإيجاب بل غايته جواز الترك وهو ليس بملزوم للترك ، فيجوز الإتيان به الموجب لإمكان الإتيان بالمشروط بعنوان أنّه المأمور به من غير محذور.
مع أنّه منقوض بغير الشرط أيضا ، فيقال : لو لم يجب غيره لجاز تركه وحينئذ لو تركه ، فلا يخلو إمّا أن يكون الفعل مأمورا به أو لا ، والثاني باطل لعين ما ذكر.