المخصوصة مع الطهارة سبب لإيجاد الماهيّة الكلّيّة الّتي هي الأفعال المعيّنة في الواقع مع الهيئة الاعتباريّة ، فيكون التكليف بها تكليف بإيجاده.
وقد اتّضح فساد هذه الدعوى فيما سبق ، ومرجعه هنا إلى منع الصغرى وهو كون الفرد سببا.
ولو سلّم فيتوجّه إليه حينئذ منع الكبرى ، وهو كون التكليف بالمسبّب تكليفا بالسبب ، وقد اتّضح وجهه أيضا في دفع كلام من يقول بتلك المقالة.
ولو سلّم فيتوجّه إليه منع ارتباط النتيجة الحاصلة من ذلك بما هو مطلوب المستدلّ ، لكون الطهارة حينئذ جزء للسبب والتكليف به تكليف بمجموع أجزائه من حيث المجموع ، وكون ذلك يستلزم التكليف بكلّ جزء جزء على حدة عين المتنازع فيه ، بناء على ما هو الحقّ من دخول الأجزاء أيضا في محلّ النزاع كما سنقرّره.
نعم إنّما يستقيم ذلك على القول بخروجها عن المتنازع فيه وسيتّضح بطلانه.
هذا كلّه في احتجاج هذا القائل على الجزء الإيجابي من مدّعاه ، وأمّا جزؤه السلبي فقد عرفت أنّه احتجّ عليه بوجوه ستّ ، وتقرير ما عدا الوجه الثاني واضح بملاحظة ما تقدّم في أدلّة المانع مطلقا ، والجواب الجواب أيضا فلا نطيل الكلام بإعادة ذلك.
وأمّا الوجه الثاني فقد قرّره العضدي وغيره : بأنّ وجوب الشيء لو استلزم وجوب غير شرطه لم يكن تعلّق الوجوب به لنفس الوجوب (١) أو لنفس ذلك الغير لتوقّفه حينئذ على التعلّق بملزومه ، والتالي باطل لأنّ الطلب لا يعقل تعلّقه بشيء غير المطلوب.
وأجاب عنه في بيان المختصر بقوله : إن أراد بالتعلّق لنفسه التعلّق بالأصالة لا نسلّم انتفاء التالي ، فإنّ تعلّق الوجوب بالمقدّمات ليس بالأصالة بل بالفرعيّة لتعلّق الوجوب بملزومها أوّلا وبواسطة الملزوم يتعلّق بها.
وإن أراد به أنّ تعلّق الوجوب الفرعي بالمقدّمات ليس من مقتضاه ، فمنعه ظاهر فإنّ الوجوب الأوّل يتعلّق بالشيء ثمّ نشأ منه الوجوب الثاني ، فتعلّق الوجوب الثاني الفرعي بالمقدّمات لذاته ، وأيضا فمنقوض بوجوب الشرط. انتهى.
__________________
(١) والظاهر أنّ الترديد بين الوجهين من جهة احتمال ضمير « نفسه » في كلام المستدلّ بهما ، لجواز رجوعه إلى الوجوب أو إلى الغير ، فإنّ كلاّ منهما مذكور في كلامه وما استظهرناه هو الّذي تنبّه عليه شارح المختصر في بيان المختصر وصرّح به. ( منه عفي عنه ).