دخول الوقت ، فيكون المعتبر من فقدان الماء الموجب لتعذّر الطهارة المائيّة ما يتحقّق في الوقت دون ما قبله ، وهو يستلزم كون القدرة المعتبرة في الطهارة المائيّة ما تحصل في الوقت دون غيره ، فحينئذ لا عقاب على تارك الوضوء أو الغسل قبل الوقت الواجد فيه ماء يكفيه في ذلك الّذي لحقه العذر عنه بعد ذلك لا في الوقت ولا ما قبله.
أمّا الأوّل : فلعدم القدرة على المقدّمة.
وأمّا الثاني : فلعدم اعتبار القدرة الحاصلة فيه ، فإنّ وجود ما لا عبرة به بمنزلة عدمه.
ولا يذهب عليك أنّ ذلك يقضي باختصاص الوجوب في المقدّمة بما بعد الوقت في هذا النوع ، ضرورة قضاء اختصاص اللازم باختصاص الملزوم ولا بأس به ، لأنّ حكم العقل بوجوب المقدّمة من باب الإدراك فهو بملاحظة القضيّة الشأنيّة يحكم بالوجوب الفعلي على الإطلاق ، إلاّ أن يظهر من أدلّة المقام ما يخالفه فيخصّص الوجوب حينئذ بالقدر الّذي اقتضاه الدليل ، وليس ذلك من باب التخصيص في حكم العقل ليكون من مظانّ الإشكال بل من باب التخصّص كما يظهر بأدنى تأمّل.
وأمّا أدلّة سائر الأقوال :
فاحتجّ الجمهور ـ على ما حكاه بعض الأفاضل ـ بما أشرنا إليه إجمالا من أنّ السبب في وجوب ما يجب لغيره إنّما هو وجوب ذلك الغير ، ولذا يسقط وجوبه عند سقوط وجوب ذلك الغير ولا يعقل تقدّم وجوبه على وجوبه ، إذ لا يتقدّم المعلول على علّته.
وقد اتّضح جوابه ممّا قرّرناه في طيّ الاستدلال على المختار ، وحاصله : أنّ ذلك مسلّم لو فرض عدم العلم بالعاقبة ، وهو من الشارع وغيره ممّن يعلم بالعواقب ممتنع ، فوجوب المقدّمة حينئذ قبل حضور العاقبة ليس وجوبا لها قبل وجوب ذيها ، وتوهّم كونه كذلك اشتباه قد تبيّن وجهه.
واجيب عنه أيضا : بمنع انحصار علّة وجوب المقدّمة في وجوب ذيها ، لجواز كون العلّة فيه أحد الأمرين من ذلك ومن العلم أو الظنّ بوجوبه في المستقبل مع مطابقته للواقع ، فلا مانع حينئذ من وجوبها قبل وجوب الغاية ، نظرا إلى حصول العلّة الثانية. وضعفه ظاهر من جهة أنّ العلم أو الظنّ بوجوب ذي المقدّمة في المستقبل إن اريد كونه علّة مثبتة لوجوب المقدّمة كما أنّ وجوب ذيها ـ على زعم الخصم ـ علّة مثبتة له ، فيبطله : أنّ الوجوب أمر واقعي يجيء من قبل الشارع ولا ربط بينه وبين علم المكلّف أو ظنّه بوجوب